زيادة مالية وتراجع في نسب الإنجاز.. موازنة التنمية تكشف مفارقات في أداء البرامج الاجتماعية

كشفت موازنة وزارة التنمية الاجتماعية للعام 2026 عن مفارقة لافتة بين الزيادة الملحوظة في حجم الإنفاق وبين تراجع نسب الإنجاز في عدد من برامج الخدمات الاجتماعية.
ورغم ارتفاع الموازنة إلى 41 مليونًا و739 ألف دينار بزيادة تقارب أربعة ملايين عن العام السابق، فإن عدة مؤشرات أداء أظهرت فجوة واضحة بين القيم المستهدفة وما تحقق فعليًا على الأرض.
وتظهر البيانات الرسمية أن جانبًا كبيرًا من الزيادة المالية تركز في النفقات الجارية، وخصوصًا تعويضات العاملين والسلع والخدمات، بينما زادت مخصصات “بدائل الإيواء للإعانات” بمليون دينار إضافي رُفع من خلالها سقف البرنامج إلى مليونين وخمسمائة ألف دينار، وفي المقابل، رصدت ثلاثة ملايين لمشاريع اللامركزية في المحافظات، إلى جانب نحو مليون دينار لم تفصّل الوزارة أوجه إنفاقه ضمن بند النفقات الرأسمالية.
ورغم هذا التوسع المالي، فإن مؤشرات الإنجاز لم تتحرك بالصورة المتوقعة في عدد من البرامج، فخدمة إنشاء وشراء وصيانة مساكن الأسر الفقيرة لم تتجاوز 77 أسرة، بينما كان المخطط له 160 أسرة، كما لم تستفد سوى 44 أسرة من مشاريع تعزيز الإنتاجية، مقابل هدف بلغ 150 أسرة، في تراجع يعكس فجوة بين التخطيط والتنفيذ. الأمر ذاته ينسحب على الحضانات المرخصة التي لم تتجاوز 72 حضانة مقابل هدف قدره 150.
في الجهة المقابلة، سجلت برامج الأحداث منحى مختلفا تماما، إذ تجاوزت المستهدفات بأضعاف، فقد استفاد 3182 حدثًا هذا العام من التدابير غير السالبة للحرية—وهو رقم يزيد بستة أضعاف عن القيمة المقررة في الموازنة التقديرية التي حددت الهدف بـ500 حدث فقط. وتخطط الوزارة لرفع العدد عام 2026 إلى 5000 حدث، في مؤشر على توسع متسارع في نظام العقوبات البديلة والعدالة الإصلاحية. كما استفاد 688 حدثًا خلال العام الماضي من برامج التأهيل المهني.
وفي جانب آخر، تظهر الموازنة تقدمًا لافتًا في ملف تنظيم مهنة العمل الاجتماعي؛ إذ حصل 60% من العاملين على شهادة مزاولة المهنة هذا العام، مقارنة بهدف سابق لم يتجاوز 25%. وتعتزم الوزارة رفع النسبة إلى 70% العام المقبل، في خطوة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات وتطوير الكوادر العاملة في القطاع الاجتماعي.
وتحتفظ الموازنة الجديدة بذات التحديات التي طُرحت في العام 2025، وعلى رأسها ارتفاع البطالة، وتراجع مشاركة المرأة في سوق العمل، وتنامي الفقر، إلى جانب ضغوط الأزمات الاجتماعية والتحديات المؤسسية المرتبطة بالبنية التحتية وضعف التحول الرقمي. كما تستمر الوزارة في التأكيد على أولويات تتعلق بحماية الأسرة وتعزيز المشاركة الأهلية والتنمية المجتمعية وتمويل المشاريع التنموية للفئات الأكثر احتياجًا.
وبين الزيادة المالية والتفاوت في نسب الإنجاز، تكشف الأرقام المعروضة صورة مركبة لواقع البرامج الاجتماعية في الأردن: توسع كبير في بعض الخدمات وتعثر واضح في برامج أخرى موجهة للأسر والمجتمعات المحلية، ما يطرح أسئلة حول فاعلية الإنفاق وقدرة البرامج على تحقيق أهدافها المعلنة.






