خلال السنوات الأخيرة شنت الحكومة حملة واسعة على المراكز الاسلامية، بما في ذلك مدارس تحفيظ القران الكريم، وشددت الرقابة على المساجد، وفي نفس الوقت قللت عدد حصص التربية الاسلامية في المدارس وقلصت النصوص الدينية في المناهج الجديدة، وذلك لصالح إضافات من مثل سميرة توفيق وغيرها!
منذ سنوات والحكومة، ومن ورائها دائرة المخابرات، تستهدفان جمعية المحافظة على القرآن الكريم بهدف تقليص نشاطها وتقليل عدد مراكزها، وتبعاً لذلك تم إغلاق عشرات وربما مئات المراكز، وعندما اعترض الدكتور إبراهيم المنسي على هذه الاجراءات وأطلق حملة لفضحها تم اعتقاله وأودع في السجن لأربع شهور من أجل إسكاته وترهيبه وإخماد الحملة التي أطلقها، وذلك على الرغم من أنه لا يوجد أردني إلا ويعلم بأن جمعية المحافظة على القرآن الكريم لا علاقة لها بالسياسة من قريب ولا من بعيد وعملها يقتصر على تعليم الأطفال والكبار أحكام التلاوة والتجويد وتشجيعهم على حفظ القرآن الكريم فقط.
المفاجأة الجديدة في هذا الاطار هو القرار الحكومي بإغلاق "مركز الألباني"، وهو قرار لم يفهمه أغلب الناس في الأردن، لأن هذا المركز من المعلوم أنه يتبع لشيخ السلفية الوهابية الشيخ علي الحلبي الذي توفي قبل أعوام قليلة (خلال كورونا)، وكان أحد المتعاونين المعروفين مع دائرة المخابرات، وأحد المروجين لفكرة أن الملك عبد الله هو ولي الأمر الذي تجب طاعته مهما فعل، كما كان الحلبي ومركزه الألباني يروج دائماً بأن المظاهرات حرام، والسياسة لغو ولهو، والتلفزيون حرام، والأغاني حرام، والموسيقى حرام... الى آخر ذلك مما يصب في نهاية المطاف في إنتاج مواطنين ليسوا سوى عبيد لدى نظام يفعل ما يشاء دون حسيب ولا رقيب!!
رغم كل هذا لكن الحكومة قررت إغلاق "مركز الألباني"، ولم يفهم الكثيرون السبب وراء ذلك، فإذا كانت جمعية المحافظة على القرآن الكريم يتم استهدافها بسبب تبعيتها لجماعة الاخوان المسلمين فلماذا يتم استهداف السلفية التي تؤسس للتسحيج للحكومة وتعتبر الملك ولي الأمر الذي يجب أن يُطاع؟!
لاحظوا أنَّ الحكومة قبل شهور قليلة أوعزت أيضاً لــ"جمعية الاخوان المسلمين" المرخصة والتي تم تأسيسها بإشراف المخابرات قبل سنوات بأن تُغلق نفسها، أي أن المخابرات لا تريد لجماعة الاخوان الأصلية (غير المرخصة) أن تكون موجودة وتزاول نشاطها، ولا تريد أيضاً حتى للمرخصة التابعة لها أصلاً أن تظل موجودة.. فلماذا فعلت ذلك؟
وبين هذا وذاك استهدفت الحكومة والمخابرات التيار الصوفي، وأصدرت تعليمات جديدة تُقيد الزوايا والتكايا، وذلك على الرغم من أن الصوفيين لا يتدخلون أيضاً في السياسة وبشكل مطلق.
وبينما تشن الحكومة والمخابرات حملة تستهدف الاخوان بكل أشكالهم، والسلفية بكل أشكالها، والصوفية بكل أشكالها، يتم التشديد على المساجد وإغلاقها بين الصلوات والتدخل في خطبة الجمعة، ويتم ملاحقة أي نشاط ديني أو اسلامي، سواء في المساجد أو المدارس أو الجامعات أو حتى الشوارع والأسواق.. فلماذا تقوم الحكومة بذلك؟
حقيقة ما يجري في الأردن أن هناك استهداف عام وشامل لظاهرة "التدين" أو ظاهرة "الالتزام الديني"، فلدى المخابرات قرار بتجريد الأردنيين من دينهم مهما كان، والقصة ليست متعلقة لا بالاخوان ولا السلفية ولا الصوفية، ولا هي متعلقة بأحزاب أو جماعات، إذ كل ما في الأمر أن هناك قرار بإلغاء "التدين" ومحاربة ظاهرة "الالتزام الديني"، وهذا هو التفسير الوحيد لقرارات الحكومة التي تستهدف الاسلاميين على اختلاف تياراتهم، بما في ذلك "سحيجة النظام" من السلفية الوهابية أو المداخلة الذين يعتبرون الملك ولي الأمر الذي يجب أن يُطاع دون نقاش!