قبل أيام أراد التلفزيون الأردني أن يدفع 480 ألف دينار، أي نصف مليون تقريباً، لاثنين من نشطاء السوشيال ميديا ثمناً لانتاج 15 حلقة كوميديا رمضانية، لولا أن الحكومة تراجعت عن هذا العقد تحت ضغط الانتقادات التي انهالت على هذا التلفزيون الفاشل الذي لا يتابعه أي من الأردنيين رغم أنهم يمولونه من جيوبهم عبر الضريبة المضافة الى فواتير الكهرباء ويتم سدادها شهرياً.
تبديد أموال الأردنيين والعبث بها لا يتوقف على صفقة الفساد ذات النصف مليون دينار، فمنذ سنوات أسست المخابرات بصمت جيشاً الكترونياً، أو ما يسميه الناس "الذباب الالكتروني" أو "جيش السحيجة"، وخصصت له ملايين الدنانير، ولا تزال تُنفق عليه ببذخ وبالملايين، وذلك من أجل التأثير في الرأي العام وتزويره والدفاع عن النظام السياسي وتبرير أفعاله المشينة مثل الاعتقالات غير القانونية واستمرار التعامل مع اسرائيل وتحريض الأردنيين على بعضهم البعض لضمان أن لا يتحدوا في مواجهة الفساد وأن لا يعاودوا المطالبة بالاصلاح.
الجيش الالكتروني يتم تمويله من جيوب الأردنيين ويكلف مئات الملايين من الدنانير سنوياً، كما إن التلفزيون الأردني وقناة المملكة وكلاهما مستنقعات للفساد والواسطة والمحسوبية تكلف الأردنيين ملايين أخرى، كما إن جهاز المخابرات ذاته لا يعلم إلا الله كم يُكلف خزينة الدولة وكم يستنزف من أموال الضرائب وذلك لأنه غير مدرج في الموازنة (لا هو ولا الديوان الملكي)، وبالتالي فهؤلاء لديهم شيك مفتوح ولا يعلم أحد كم تكلف إمبراطورية المخابرات في الجندويل!
ثمة تكلفة أخرى بالملايين لا تخطر على بال الكثيرين، وهي تكلفة الاعتقالات بالجملة، حيث إن المئات موجودون في زنازين دائرة المخابرات العامة، فيما تقول بعض المصادر إن مجموع من تم اعتقالهم خلال عامين، من بقوا ومن تم الافراج عنهم، تجاوز العشرة آلاف شخص، وهذه تكاليف باهظة تتحملها خزينة الدولة.
تخيلوا بأنَّ هذا العبث والفساد المالي موجود في دولة تعاني من عجز في موازنتها العامة يبلغ 2.2 مليار دينار أردني، وتعاني من مديونية فلكية تبلغ 65.2 مليار دولار أمريكي، والأهم من ذلك أن لدينا أكثر من أربعة ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر بحسب بيانات الأمم المتحدة، ولدينا حالياً أعلى نسبة بطالة في تاريخ المملكة حيث وصلت الى 21.4% كنسبة عامة، وترتفع في أوساط الشباب لتقترب من 50%، أي أن نصف شبابنا عاطلون عن العمل ونصف مجتمعنا فقراء، ومع ذلك فإن حكامنا يقومون بتبديد الأموال يميناً ويساراً!!
المطلوب هو أن تتوقف الحكومة ومخابراتها عن تبديد المال العام، وعن نهب جيوب المواطنين.. أطلقوا سراح المعتقلين وتوقفوا عن العبث بأموالنا وأبنائنا ومصائرنا، لأن أحوالنا لم تعد تحتمل.