منوعات

تشابه الأعراض يربك الأطباء.. خلط بين التوحد والوسواس القهري لدى الأطفال

حذر مختصون في الصحة النفسية من تزايد حالات الخلط بين اضطراب طيف التوحد (ASD) واضطراب الوسواس القهري (OCD) عند الأطفال، مؤكدين أن التشابه في المظاهر السلوكية بين الحالتين يربك الأطباء والأهل على حد سواء، وقد يؤدي إلى تشخيص خاطئ يؤثر في خطة العلاج ومسار النمو النفسي للطفل.

وأوضح الخبراء أن ارتفاع معدلات تشخيص التوحد عالميًا قد يكون مرتبطًا جزئيًا بسوء التقدير أو الالتباس مع أعراض الوسواس القهري، خصوصًا في المراحل المبكرة من الطفولة، حيث تتداخل السمات السلوكية بشكل يصعب تمييزه من النظرة الأولى.

ففي حين يتسم التوحد بضعف التواصل الاجتماعي، والالتزام بروتين متكرر، واهتمامات محددة وثابتة، فإن الوسواس القهري يتميز بأفكار اقتحامية مزعجة وسلوكيات قهرية هدفها تخفيف القلق الناتج عنها. لكن — ورغم اختلاف الدافع النفسي بين الاضطرابين — فإن المظهر الخارجي للسلوكيات قد يبدو متشابهًا، ما يضع المتخصصين أمام معضلة تشخيصية حقيقية.

وتقول الدكتورة ريبيكا مانيس، أخصائية علم النفس العصبي، إن هذا التداخل “يمثل تحديًا مستمرًا”، مشيرة إلى أن نحو 15 إلى 20% من الأطفال قد يعانون من الحالتين معًا، ما يجعل التفريق بينهما أكثر صعوبة. وتضيف أن الأطفال ذوي الأداء المعرفي الجيد قد لا تُكتشف لديهم علامات التوحد إلا في مرحلة المراهقة أو البلوغ، بينما تظهر أعراض الوسواس القهري عادة في سنٍّ تتراوح بين السابعة والثانية عشرة.

من جانبه، يؤكد الدكتور زيشان خان، الطبيب النفسي للأطفال والمراهقين، أن جمع تاريخ دقيق للطفل وفهم دوافع السلوكيات المتكررة هما المفتاح الحقيقي للوصول إلى التشخيص السليم، محذرًا من أن أي خطأ في هذا التقدير قد يقود إلى علاج غير مناسب يزيد الأعراض تعقيدًا بدلاً من تحسينها.

ويشير الخبراء إلى أن بعض سلوكيات الوسواس القهري — مثل ترتيب الأشياء بدقة أو الانشغال المفرط بالأرقام أو التفاصيل — قد تُفسَّر خطأً على أنها جزء من طيف التوحد، والعكس صحيح. لذلك يشددون على ضرورة إجراء تقييم شامل ومتعدد البيئات، وفهم السياق الداخلي لسلوك الطفل قبل إصدار أي حكم تشخيصي.

ويؤكد المتخصصون أن الخطوة الأولى نحو العلاج السليم تبدأ من التمييز الواضح بين الدافع القهري والدافع النمطي، لأن كليهما قد يبدو متشابهًا على السطح، لكنه ينطلق من جذور نفسية مختلفة تمامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى