تقارير

المديونية تضع اقتصاد الأردن في مأزق حقيقي.. وخبراء يحذرون من تفاقم الأزمة

في السنوات الأخيرة، أصبح الأردن ميدانًا متقلبًا لأزمات متعددة، تشابكت لتضع المملكة أمام تحديات جذرية.

يوما بعد يوم تتفاقم الأزمة الاقتصادية في الأردن  بسبب السياسات المالية الحالية التي تنتهجها الدولة في إدارة النظام المالي للبلد حيث وضعت هذه السياسات اقتصاد البلد في مأزق حقيقي لا يحسد عليه، والتي كان من اهم ظواهرها الاعتماد المتزايدة على المديونية  التي فاقمت من اقتصاد البلد وسط تآكل القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. ورغم كل محاولات الإصلاح التي تعلنها الحكومة، يبدو أن البلاد عالقة في دائرة العجز المالي المستمر، ما يدفع كثيرين إلى التساؤل: هل ينجرف الأردن نحو الهاوية.

وفي تصريح لوكالات اردنية قال الخبير المالي محمد البشير أن المديونية تعتبر إحدى أدوات المالية العامة، لكنها في الوقت ذاته تمثل العنوان الأبرز في مشاكل المالية العامة، مشيرا إلى أن الأزمة المالية العامة لن تحل إذا لم تحل مشاكل أدوات المالية العامة الأساسية.

و أوضح البشير ان الحكومة في ظل هذا الواقع ستبقى مضطرة للذهاب الى المديونية لسد عجز الموازنة، لأن ما تحصله الخزينة من أموال من القطاعات المختلفة أو من الخدمات الحكومية يبقى غير قادر على تلبية الأداتين المتمثلتين  بالنفقات الجارية وتحصيلات الضرائب غير المباشرة.

ويؤكد بعض خبراء الاقتصاد بأن مديونية البلد ارتفعت  في الآونة الأخيرة و ستستمر في الارتفاع مستقبلا، عازين ان الهدف من المديونية هو معالجة العجز في الموازنة الذي يحصل فعليا سنة بعد سنة،بسبب توسع الحكومة في انفاقها و سخائها على أصحاب الدخول المرتفعة.

وفي سياق متصل كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقرير موسع من عمّان مؤخرا، عن تناقض صارخ بين واقع اقتصادي هش يعتمد على المنح والقروض والمساعدات الخارجية، وبين الرواتب والامتيازات التي يحصل عليها عدد من كبار المسؤولين في الأردن والتي تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات شهريا.

وبحسب التقرير، فإنه لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور في الأردن 400 دولار شهريا، بينما يبلغ متوسط الرواتب لمعظم العاملين نحو 600 دولار فقط، في حين يحصل بعض كبار المسؤولين على رواتب وامتيازات قد تصل إلى 50 ألف دولار أو أكثر، وهو ما يعادل ثمانية أضعاف متوسط دخل الفرد الأردني السنوي الذي لا يتجاوز 6000 دولار.

وأكدت الصحيفة أن هذه الفوارق تكشف فجوة اجتماعية متزايدة بين قلة ميسورة تحتل مواقع القرار، وغالبية من المواطنين تعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة.

ورغم تبرير الحكومات بأن هذه الرواتب تعود إلى “الكفاءات والخبراتً الخاصة”، إلا أن خبراء اقتصاديين نقلت عنهم الصحيفة يرون أن هذه الامتيازات تمثل عبئ على خزينة الدولة وتفاقم العجز المالي، فضلا عن تعميق الشعور بعدم العدالة الاقتصادية.

وأشار التقرير إلى أن الأردن يعتمد بشكل كبير على المنح الخارجية والقروض الدولية لتغطية نفقاته الأساسية، في ظل مديونية عامة تتجاوز 50 مليار دولار، وهو ما يجعل قضية الرواتب والامتيازات العالية للمسؤولين ملفا حساسا يمس أولويات الإنفاق العام وإدارة الموارد المحدودة.

وخلصت الصحيفة إلى أن استمرار هذه الظاهرة يعكس إشكالية في إدارة الموارد داخل الأردن، ويعزز حالة من الانفصال بين النخب السياسية والاقتصادية من جهة، والمواطنين من جهة أخرى، بما يضعف الثقة بالمنظومة الاقتصادية والسياسية ويقوض شعور العدالة والمساواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى