اقتصاد

محلل اقتصادي : السخاء الحكومي مع أصحاب الدخول المرتفعة فاقم الأزمة المالية و عمق اختلال العدالة الضريبية.

حذّر الخبير الاقتصادي محمد البشير من تفاقم أزمة المالية العامة في الأردن، مؤكّدًا أن الاعتماد المفرط على المديونية والإنفاق غير المنضبط أدخلا الاقتصاد الوطني في مأزق حقيقي يصعب تجاوزه في ظل غياب الإصلاحات الهيكلية الحقيقية.

وقال البشير إن المديونية تُعدّ أداة من أدوات السياسة المالية، لكنها أصبحت في الوقت ذاته العنوان الأبرز للأزمة المالية العامة التي تعاني منها الدولة، مشيرًا إلى أن الخلل في بنية النفقات والإيرادات وطبيعة إدارة الدين العام ما يزال من دون معالجة جذرية.

وبيّن أن النفقات الجارية تمثل التحدي الأكبر، إذ تستحوذ فوائد القروض ورواتب العاملين في القطاع العام على نحو 90% من إجمالي الإنفاق الجاري، ما يحدّ من قدرة الحكومة على الإنفاق الرأسمالي المنتج ويخلق ضغطًا مستمرًا على الموازنة العامة.

وأوضح البشير أن النظام الضريبي الأردني يعاني من هيمنة الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات التي تشكل أكثر من 70% من الإيرادات الضريبية، وهو ما يزيد العبء على محدودي الدخل ويضعف العدالة الضريبية.

وأضاف أن الحكومة، في ظل هذه المعادلة المختلّة، ستبقى تلجأ إلى الاقتراض لتغطية العجز في الموازنة، لأن ما تحصله الخزينة لا يكفي لتغطية النفقات والضرائب القائمة، مشيرًا إلى أن المديونية ارتفعت وستواصل الارتفاع نتيجة استمرار السياسات الحالية.

وانتقد البشير ما وصفه بـ“سخاء الحكومة تجاه أصحاب الدخول المرتفعة”، مؤكدًا أن هذا السلوك المالي يخدم فئات محدودة مثل البنوك وبعض القطاعات الخدمية والصناعات الاستخراجية، التي تحقق أرباحًا عالية دون أن تخضع لضرائب عادلة، الأمر الذي يعمّق اختلال العدالة الضريبية.

وأشار إلى أن هذا النهج المالي المتكرر منذ أكثر من عقدين جعل الخزينة تعتمد بشكل مزمن على الاقتراض لمعالجة عجزها، ما انعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني، وأضعف قدرته على خلق فرص عمل جديدة أو الحد من معدلات الفقر والبطالة.

ولفت البشير إلى أن الحكومة أعلنت الأربعاء الماضي عن اقتراض جديد بقيمة 215 مليون دولار عبر طرح سندات خزينة من خلال البنك المركزي الأردني، على أن يتم تسديدها خلال خمس سنوات بفائدة تبلغ 5.75%، في وقت وصلت فيه خدمة الدين العام منذ مطلع العام وحتى نهاية تموز إلى نحو 3.155 مليار دينار، بحسب بيانات وزارة المالية.

وختم البشير حديثه بالتأكيد على أن استمرار النهج المالي الحالي دون مراجعة حقيقية سيبقي الأزمة قائمة، مع تفاقم آثارها على المدى المتوسط والطويل، داعيًا إلى مراجعة شاملة لأدوات المالية العامة بما يحقق العدالة والكفاءة في إدارة المال العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى