تقارير

التطبيع قيد الأردن.. الاحتلال يعاقبه على تصريحاته بورقة الغاز والماء

كشفت القناة 14 العبرية الأحد، أن مسؤولين إسرائيليين دعوا حكومته الاحتلال إلى تهديد الأردن بوقف تزويده بالماء والغاز، رداً على تصريحات لمسؤولين أردنيين عبروا فيها عن دعمهم لإقامة الدولة الفلسطينية ورفضهم ممارسات الاحتلال.

وتعد تصريحات الأردن طبيعية في سياق الموقف العربي والدولي الرافض للاستيطان والعدوان، وكما أنها أقل من المطلوب لكنها تحولت في الإعلام الإسرائيلي إلى ذريعة للتلويح بورقة الضغط الاقتصادية.

ارتباط اقتصادي يضعف القرار السياسي

الأردن، ومنذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994، وجد نفسه في معادلة اقتصادية معقدة مع الاحتلال، فالاتفاقيات الملحقة بالمعاهدة لم تقتصر على التعاون الأمني، بل امتدت إلى مشاريع استراتيجية في مجالات المياه والطاقة، من أبرزها اتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي، وصفقات تزويد الأردن بكميات من المياه.

وتحولت هذه المشاريع، التي روج لها رسمياً باعتبارها حلولاً لأزمات مزمنة، تحولت بمرور الوقت إلى “قيود سياسية”، تجعل الأردن عاجزاً عن اتخاذ مواقف أكثر صلابة خشية أن يستخدم الاحتلال هذه الأوراق لابتزازه.

وتهديد وقف تزويد الأردن بالغاز أو المياه لا يمكن اعتباره مجرد تصريح إعلامي، بل يعكس حقيقة ملموسة مفادها أن الاحتلال يمسك بمفاصل حيوية تمس الأمن الوطني الأردني البلد الذي يعاني من ندرة المياه ويعتمد بدرجة كبيرة على الاستيراد في مجال الطاقة، الأمر الذي يجعل أي قرار سياسي مستقل عرضة للضغط والابتزاز.

مفارقة الخطاب الرسمي

المفارقة الصارخة تكمن في أن الأردن، الذي يعلن في العلن دعمه لإقامة الدولة الفلسطينية ورفضه للسياسات الاستيطانية، يجد نفسه في الواقع مكبّلاً باتفاقيات مع الاحتلال تستخدم كعصا غليظة في كل مرة يرفع فيها الصوت دفاعاً عن الحقوق الفلسطينية.

وهذا التناقض يفسر جزئياً محدودية الخطوات الرسمية الأردنية، إذ تقتصر غالباً على بيانات وتصريحات دبلوماسية لا تتجاوز سقفاً معيناً، لأنها محكومة بميزان القوى والاعتماد المتزايد على إسرائيل في ملفات حياتية.

تداعيات على السيادة والشعور الشعبي

هذه التطورات تثير جدلاً واسعاً داخل الشارع الأردني، الذي عبّر مراراً عن رفضه لصفقة الغاز تحديداً، باعتبارها “صفقة إذعان” تجعل الأردن رهينة للاحتلال، والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة تعزز هذا الشعور وتكشف أن التحذيرات الشعبية لم تكن مجرد هواجس، بل واقع سياسي واقتصادي يضع الأردن في موقع التابع أكثر من الشريك.

الأخطر من ذلك، أن استخدام الماء والغاز كأدوات ضغط يضع السيادة الوطنية الأردنية على المحك، ويفتح الباب أمام تساؤلات جادة: إلى أي مدى يستطيع الأردن أن يحافظ على استقلالية قراره السياسي إذا كانت مصادر الطاقة والمياه في يد الاحتلال؟ وهل يمكن أن يواصل الحديث عن دعم القضية الفلسطينية وهو مكبّل بمثل هذه الاتفاقيات التي تحدد شكل ردوده ومواقفه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى