تقارير

صرخات الأردن في شجب العدوان تتهاوي أمام فتح الأجواء لطائرات إسرائيل لتقصف الدوحة

بينما كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يهاجم إسرائيل بلهجة قاسية في مجلس الأمن الدولي، واصفًا إياها بأنها “مارقة، ملطخة بدماء الأبرياء”، ويدين هجومها على قطر، قبل أيام من كشف وسائل إعلام عبرية أن الطائرات الحربية التي نفذت الهجوم على الدوحة مرت عبر الأجواء الأردنية والسعودية، في تناقض فج بين الخطاب السياسي الرسمي في العلن والتحركات الفعلية على الأرض.

صرخات في نيويورك.. وممرات في السماء

في نيويورك، قدم الصفدي صورة قاتمة عن سجل الاحتلال خلال الأشهر الـ23 الماضية، معددًا سقوط أكثر من 65 ألف شهيد في غزة، بينهم 540 من عمال الإغاثة و247 صحفيًا. اتهم إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح ممنهج، وتحويل القطاع إلى “أرض موت للإنسان والقيم”، قبل أن ينتقل إلى ملف قطر، حيث اتهم الاحتلال بالكذب والغدر، رغم دور الدوحة في الوساطة وصفقة الأسرى.

لكن في التوقيت ذاته، أفادت تقارير نشرتها صحف عبرية بارزة أن السرب الجوي الذي استهدف العاصمة القطرية اخترق الأجواء الأردنية ثم السعودية قبل وصوله إلى الدوحة، وهو ما أكدته لاحقًا منصات متخصصة في تتبع حركة الطيران العسكري.

صمت رسمي.. وغضب شعبي

ورغم حساسية القضية، لم يصدر عن الحكومة الأردنية أي بيان ينفي أو يؤكد ما نشرته الصحافة العبرية، الأمر الذي أثار عاصفة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، ناشطون أردنيون اعتبروا أن صرخات الإدانة في مجلس الأمن “تسقط في أول اختبار عملي”، وأن السماح بعبور الطائرات “خيانة لمبدأ السيادة الوطنية، وتناقض مع خطابات الدعم لفلسطين وقطر”.

آخرون تساءلوا عن سبب غياب الشفافية الرسمية، معتبرين أن الصمت يترك المجال مفتوحًا أمام الرواية الإسرائيلية التي توظّف بدورها مثل هذه الممرات الجوية لإظهار أن دولًا عربية تسهّل عمليًا عملياتها العسكرية حتى في لحظات الشجب والاعتراض.

ازدواجية الموقف.. أسئلة بلا إجابة

الازدواجية بين الموقف المعلن في مجلس الأمن والواقع الميداني على الأرض تضع الأردن أمام معضلة معقدة: كيف يمكن الجمع بين مطالبة المجتمع الدولي بوقف العدوان، وبين توفير معابر جوية للطائرات ذاتها التي تنفذ هذا العدوان؟ ولماذا لم تبادر عمّان إلى تقديم رواية بديلة أو توضيح للرأي العام المحلي والعربي الغاضب؟

هذا التناقض يعصف بمصداقية الخطاب الدبلوماسي الأردني الذي لطالما قدم نفسه كحائط صد عربي ضد التمدد الإسرائيلي. أما الآن، فإن المشهد يبدو ملتبسًا أكثر من أي وقت مضى: إدانة مدوية في القاعات الدولية، وصمت ثقيل في سماء مفتوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى