أخبار

574 جمعية تغلق أبوابها.. من يسد الفراغ الخدمي والإنساني؟

كشف التقرير السنوي الحادي والعشرون الصادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان أن السلطات قامت خلال عام 2024 بحل 574 جمعية أهلية لأسباب متعددة، تراوحت بين توقف النشاط لمدة عام فأكثر، أو تعذر إجراء انتخابات داخلية، أو تلقي تبرعات من جهات أجنبية، إضافة إلى مخالفات إدارية لم تُسوَّ بعد إنذارات رسمية.

ويستند قرار الحل، وفق ما جاء في التقرير، إلى نصوص قانون الجمعيات رقم 51 لسنة 2008 وتعديلاته، وبخاصة المادتين 19 و20، حيث يتيح القانون للجهات الرسمية صلاحية إلغاء الجمعيات في حال تكرار المخالفات أو تعطّل مجالسها الإدارية.

لكن التقرير أشار أيضاً إلى تحديات بنيوية تواجه القطاع الأهلي، من بينها ضعف الشفافية المالية، وعدم نشر التقارير على مواقع إلكترونية لغياب هذه المنصات لدى معظم الجمعيات، فضلاً عن قلة الموارد المالية التي تحدّ من استمرارية عملها، إلى جانب عدم التزام بعض الجمعيات بمعايير الأجور أو بالنطاق الجغرافي المسموح به.

ورغم هذه الملاحظات، شدّد التقرير على أن الجمعيات لا تقتصر وظيفتها على تقديم أنشطة ثقافية أو اجتماعية، بل تمثل متنفساً للمجتمعات المحلية، خصوصاً في الأرياف، حيث تشكل النساء غالبية القائمات عليها. ويؤكد مراقبون أن حل هذا العدد الكبير من الجمعيات قد ينعكس سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين، في وقت تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

وبيّن التقرير أن العدد الإجمالي للجمعيات المسجلة في الأردن حتى نهاية 2024 بلغ 6112 جمعية موزعة على وزارات ومؤسسات مختلفة، تتصدرها وزارة الداخلية بـ907 جمعيات، تليها وزارة الثقافة بـ761 جمعية، بينما توزعت البقية على وزارات البيئة، الصحة، الشؤون السياسية، السياحة، الزراعة وغيرها.

وبينما يربط قانون التخطيط والتعاون الدولي الجديد التمويل الخارجي بالأولويات الوطنية، يرى ناشطون في العمل الأهلي أن التضييق الإداري أو القرارات غير المرنة في التعامل مع التمويل الأجنبي قد تعرقل قدرة الجمعيات على مواصلة برامجها، خاصة تلك التي تخدم الفئات الفقيرة والمهمشة.

ويخلص التقرير إلى أن ضمان استقلالية العمل الأهلي وفتح المجال أمام الجمعيات للقيام بدورها الاجتماعي والإنساني، دون تدخل إلا في حال وجود مخالفات قانونية صريحة أو ارتباطات سياسية محظورة، يمثل ضمانة حقيقية لتعزيز ثقة المواطنين بالمؤسسات المدنية واستمرار دورها كشريك في التنمية.

ويحذر خبراء في العمل الأهلي من أن إغلاق هذا العدد الكبير من الجمعيات قد يترك فراغاً في تقديم الخدمات المجتمعية، خاصة أن معظم الجمعيات المحلولة كانت تدير برامج لمساعدة الأسر الفقيرة والنساء والشباب، ويشير مراقبون إلى أن الدور الذي تقوم به هذه الجمعيات لا يقتصر على الأنشطة الثقافية أو الاجتماعية، بل يشكل حلقة وصل بين الدولة والمجتمع، ويعزز المشاركة المدنية التي تُعد أساساً لأي تنمية مستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى