الأردنيون بين فواتير الكهرباء وقانون 2025: غضب شعبي ونواب يحذرون من الانفجار الاجتماعي
منذ 9 ساعات
يعيش الشارع الأردني حالة متزايدة من الغضب والاحتقان نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، لا سيما مع الزيادة الأخيرة في أسعار الكهرباء والمياه والمحروقات والاتصالات، والتي يرى مواطنون أنها لم تعد مجرد أعباء اقتصادية بل تحولت إلى سياسة منظمة لتجفيف جيوب الناس، في وقت يستمر فيه المسؤولون في الحصول على امتيازات وسفرات ونفقات غير مبررة.
تتزامن هذه الأزمة مع دخول قانون الكهرباء الجديد 2025 حيز التنفيذ، وهو القانون الذي أثار جدلا واسعا بين الخبراء والنواب، الذين يرون أنه يكرّس هيمنة شركات التوزيع على حساب المواطن والاقتصاد الوطني.
ارتفاع الفواتير مع موجة الحر
وحذر الخبير في مجال الطاقة، هاشم عقل، من أن فواتير الكهرباء التي ستصدر نهاية الشهر الحالي قد تشهد ارتفاعا على غالبية المواطنين بنسبة 20%، وقد تصل في بعض الحالات إلى 30%، نتيجة الاستهلاك المرتفع للكهرباء خلال موجة الحر التي تشهدها المملكة.
وأضاف عقل، أن ارتفاع درجات الحرارة يرفع استهلاك الكهرباء والمياه بنسبة تتراوح بين 15 و20%، ما ينعكس مباشرة على الكلف المالية للأسر والقطاعات المختلفة.
شهادات المواطنين
في المقابل، أكد مواطنون تحدثوا إلى “صوتالأردن” أن الزيادة على فواتير الكهرباء تجاوزت كل التوقعات، حيث وصلت في بعض الحالات إلى 90% مقارنة بالأشهر السابقة، الأمر الذي اعتبروه “كارثة معيشية” لا يمكن تحملها، خاصة في ظل محدودية الدخل وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
تحرك نيابي
وسبق أن وجّه النائب خليفة سليمان الديات كتابا رسميا إلى وزير الطاقة والثروة المعدنية، طالب فيه بفتح تحقيق عاجل في أسباب الارتفاع المفاجئ على فواتير الكهرباء، لا سيما في مناطق الأغوار (وادي الأردن) والعقبة، والتي شهدت شكاوى متزايدة من المواطنين نتيجة الفواتير المرتفعة.
وأضاف الديات أن هذا الارتفاع غير المبرر يُثقل كاهل المواطنين، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة، مما يجعل من استخدام أجهزة التبريد ضرورة معيشية لا ترفًا.
وطالب النائب بـ التحقيق في آلية احتساب الشرائح وعدالة القراءات، وتقديم توضيحات شفافة للمواطنين حول أسباب الارتفاع.
كما طالب بـ إعادة النظر في نظام الشرائح الكهربائية بما يُراعي خصوصية المناطق المناخية والاقتصادية، واتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لمعالجة الوضع.
قانون الكهرباء الجديد يثير العاصفة
أثار قانون الكهرباء الجديد 2025، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا، موجة من الانتقادات من خبراء الطاقة والاقتصاد في الأردن، وسط تحذيرات من أن تطبيقه سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الفواتير على المستهلك الأردني، مقابل امتيازات مالية تحصل عليها شركات التوزيع.
وينص القانون في مادته (25/5) على “التخفيضالتدريجيللدعمالبينيبينالفئاتالمختلفةللمستهلكينإلىحينالتخلصمنه”. فيما تمنح المادة (25/1) شركات التوزيع الحق بتغطية التكاليف وضمان عائد مناسب على استثماراتها، ما يجعل المواطن الممول الإلزامي لهذه الأرباح، بحسب خبراء.
وعن ذلك قال الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي إن قانون الكهرباء 2025 الذي دخل حيز التنفيذ ليس إصلاحا، بل إعلان رسمي لزيادة الأعباء على المواطن، إذ يمنح شركات توزيع الكهرباء أرباحا مضمونة وامتيازات احتكارية، ويضع المستهلك الأردني في مواجهة مباشرة مع فواتير أعلى وكلف متزايدة، دون أي ضمان لتحسين الخدمة أو تخفيض الفاقد.
وأكد الشوبكي أن هذا القانون لا يحمي الاقتصاد الوطني ولا يعكس العدالة الاجتماعية، ولا يخدم رؤية التحديث الاقتصادي، بل يكرّس تغوّل شركات توزيع الكهرباء الخاصة على حساب الناس، ويجعل المواطن هو الممول الإجباري لهذه الامتيازات، في وقت يعاني فيه من ضغوط معيشية خانقة.
كما حذر من أن القانون يمثل إعلانا مباشرا لزيادة الأعباء على المستهلك الأردني، مبينا أن المادة (25/5) من القانون تنص على “التخفيضالتدريجيللدعمالبينيبينالفئاتالمختلفةللمستهلكينإلىحينالتخلصمنه”، ما يمهّد لرفع الفواتير مستقبلًا، حتى وإن لم يظهر ذلك اليوم. فيما تضمن المادة (25/1) لشركات التوزيع تغطية الكلفة وعائدًا مناسبًا على استثماراتها.
وشدد على أن القانون لا يعكس العدالة الاجتماعية، ولا ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي، بل يكرّس تغوّل الشركات الخاصة على حساب المواطنين وسط ضغوط معيشية متزايدة.
وأكد أن الادعاء بعدم رفع الأسعار يعد تضليلا، لأن النصوص تنص على إزالة الدعم تدريجياً وتثبيت عائد مضمون لشركات التوزيع، وهو ما يمهّد لرفع الأسعار بشكل دائم مستقبلًا.
كما أن فكرة الاعتماد على التخزين لتخفيض الفاتورة غير قابلة للتطبيق العملي، بسبب القيود المعقدة، وإجراءات الترخيص المرهقة، والسعات المحدودة، إضافة إلى العقوبات والغرامات، مما يحول التخزين من حل عملي إلى عبء إضافي على الأسر والمنشآت بحسب الشوبكي.
وشدد الشوبكي على ضرورة وقف تطبيق القانون وإعادة دراسته جذريا، مع وضع آليات عادلة تربط التعرفة بالأداء لا بالامتياز، وتمكين المواطنين من توليد وتخزين الطاقة بحرية، وفتح باب المنافسة للحد من الاحتكار وحماية الاقتصاد الوطني.
وفي ختام تصريحه، لفت إلى أن المادة (29) من القانون تنص على عقوبات بالحبس والغرامة لأي توليد أو تخزين خارج نطاق التراخيص أو السعات المحددة، فيما تشترط المادة (21) حصول المواطن على براءة ذمة قبل أي تنازل أو بيع عقار، وهو ما يُفترض أن يظل اختصاصًا حصريًا لمؤسسات الدولة.
موقف الحكومة
من جهتها، أكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن القانون يهدف إلى استدامة النظام الكهربائي وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الكهرباء وضمان عدالة توزيعها، مشيرة إلى أن التعرفة لم تتغير، وأن المستثمرين سيحصلون على عائد مناسب شرط الالتزام بمعايير الأداء والكفاءة.
وأوضحت الوزارة أن أنظمة التخزين والطاقة المستقلة ستتيح للمستهلكين الاستفادة من فائض الإنتاج وخفض كلفة الفواتير، إضافة إلى دعم مشاريع الهيدروجين الأخضر وتحسين منظومة النقل الكهربائي.
وبين شهادات المواطنين وتحذيرات الخبراء ومطالب النواب وتطمينات الحكومة، يبقى الشارع الأردني أمام معادلة معقدة: فواتير تتضخم بنسبة قد تصل إلى 90%، قوانين مثيرة للجدل، وضغوط معيشية خانقة. ومع غياب حلول ملموسة، يتعالى الصوت الشعبي محذرا من غضب الفقير، فالأعباء المتراكمة قد تفتح الباب أمام ثورة جوع وغضب تهز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.