“خدمة العلم”.. خطوة متأخرة بعد خذلان خط الدفاع الأول في غزة
منذ 6 ساعات
اتفقت تقريبا جميع الأراء لدعم قرار إعادة تفعيل خدمة العلم، لكنها تباينت من حيث انعكاساته وصدوره المتأخر.
أعلن ولي العهد الأمير الحسين بن عبدﷲ الثاني عن قرب إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم، وذلك خلال لقائه مجموعة من شباب محافظة إربد.
وأكد أن إعداد الشباب لخدمة الوطن والدفاع عنه ضرورة أساسية، وأن إطلاق البرنامج سيتم وفق جدول زمني محدد تُعلن تفاصيله لاحقاً.
وأوضح أن الخدمة تعزز الانتماء والانضباط وتربط الشباب بأرضهم، كما تصقل شخصياتهم وتنمي فيهم روح المسؤولية إلى جانب نشامى القوات المسلحة الأردنية.
لحظة بالغة الخطورة
جاء الإعلان جاء في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، بعد تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حول مشروع “إسرائيل الكبرى”، وهي تصريحات لم تقتصر على التلويح أو الأحلام بل جاءت بصيغة تعكس رؤية توسعية واضحة توثّقها الأدبيات الصهيونية منذ عقود.
ويمتد المشروع، وفق أحلام نتنياهو، ليشمل أراضي الأردن ومصر وسوريا ولبنان وفلسطين، ما شكّل تهديدا مباشرا للأردن وللأمن القومي العربي عموما.
والفترة الماضية، شهدت مطالبات متكررة من نواب وشخصيات سياسية بضرورة إعادة خدمة العلم، باعتبارها وسيلة لتعزيز الجاهزية الوطنية.
وجوبهت هذه المطالبات في الغالب بالتشكيك والشيطنة في الإعلام الرسمي، الذي قدّمها على أنها خطوة رجعية أو غير مجدية.
ويعكس التحول في الموقف الرسمي وفق مراقبين إدراكا متأخرا لحجم المخاطر المتصاعدة في المنطقة، وربطا مباشرا بين تعزيز قدرات الشباب الأردني ومواجهة تهديدات المشروع الصهيوني.
الخطر على الأبواب
وتؤكد التصريحات الأخيرة من شخصيات سياسية بارزة في الأردن أن الخطر أكبر من مجرد تصريحات إعلامية.
وحذر نائب رئيس الوزراء الأسبق محمد الحلايقة من التعامل مع كلام نتنياهو كأحلام أو ترهات، مؤكدا أنه يعكس مشروعا موثقا ومدروسا يجري تنفيذه على الأرض بخطوات واضحة.
وأشار إلى أن ما يحدث في الضفة الغربية والقدس، وما تشهده غزة من مجازر، كلها مقدمات تؤكد أن القادم لن يستثني الأردن، الذي قد يجد نفسه جزءا من هذا المشروع إذا استمر الاسترخاء السياسي والاعتماد على المعادلات الإقليمية والدولية.
من جهته، شنّ رئيس مجلس النواب الأسبق عبدالكريم الدغمي هجوما عنيفا على نتنياهو واصفا إياه بـ”الخنزير الفالت من عقاله”.
وقال إن ردود الفعل العربية ما تزال محصورة في دائرة الشجب والاستنكار، داعياً إلى خطوات عملية على الأرض، من بينها إعلان الأحكام العرفية واعتبار الأردن في حالة حرب، تشكيل حكومة عسكرية وفتح باب التطوع، إعادة خدمة العلم والجيش الشعبي، تحويل الموازنة للمجهود الحربي، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين على خلفية دعم المقاومة، وإلغاء اتفاقية وادي عربة وإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمّان.
هل تؤتي الخطوة ثمارها
وفي حديث لـ “صوت الأردن” ذكر الكاتب رضوان الشوبكي أنه بالرغم أهمية الإعلان عن إعادة خدمة العلم، إلا أن الخطوة تبقى متأخرة وغير كافية بمفردها، فهي تأتي بعد عقود من تفريغ المؤسسة العسكرية من أدوات التعبئة الشعبية، وبعد سنوات اكتفى فيها الأردن ببيانات الإدانة والشجب إزاء ما يجري في فلسطين والمنطقة، دون ترجمة سياسية أو أمنية حقيقية.
وأضاف الشوبكي أن المشروع الصهيوني الذي يتحدث عنه نتنياهو ليس مجرد تهديد خارجي، بل واقع يتوسع يومياً، بينما الأردن ما يزال يحصر ردّه في الخطاب السياسي.
وأشار إلى أن المفارقة أن المقاومة الفلسطينية في غزة، بقدراتها المحدودة مقارنة بدول الجوار، أثبتت أنها خط الدفاع الأول عن الأمن القومي العربي، إذ كبّدت الاحتلال خسائر فادحة وأربكته عسكريا وسياسيا، فيما بقيت معظم العواصم العربية تكتفي بالمشاهدة أو بالتصريحات الدبلوماسية.
بدوه قال مصدر نيابي لـ “صوت الأردن”، إن الواقع الجديد في المنطقة والإقليم يفرض على الأردن أن يعيد النظر في إستراتيجيته بالكامل، فلا يكفي الإعلان عن برنامج خدمة العلم إذا لم يقترن بخطة شاملة تعزز الجبهة الداخلية، وتعيد الاعتبار للخيارات الشعبية والوطنية في مواجهة المشروع الإسرائيلي.
وأضاف المصدر، أن إعادة التجنيد الإجباري قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها وحدها لن تحمي الأردن من مشروع “إسرائيل الكبرى”.
وختم قائلا ، إن المطلوب هو إرادة سياسية جريئة تعيد رسم الأولويات، وتفك قيود المعاهدات والارتباطات التي كبّلت القرار الأردني لعقود، وتبني منظومة ردع حقيقية تستند إلى تلاحم شعبي ومؤسسي. فالأمن القومي الأردني، كما العربي، يبدأ من فلسطين، ومن الاعتراف بأن غزة ليست مجرد ساحة حرب، بل جدار الصد الأول في مواجهة الخطر الصهيوني.