
شهدت المملكة الأردنية الهاشمية، اليوم الأربعاء، تعديلا وزاريا شمل تسعة وزراء جدد في حكومة رئيس الوزراء جعفر حسان، في خطوة رسمية وُصفت بأنها تهدف إلى تعزيز الأداء الحكومي ورفد الفريق الوزاري بخبرات جديدة، في ظل التحديات السياسية والاقتصادية المتزايدة التي تواجه البلاد.
التعديل الوزاري، الذي صدرت به الإرادة الملكية، تضمن تعيين نضال القطامين وزيرا للنقل، وبدرية البلبيسي وزيرة دولة لتطوير القطاع العام، وعبداللطيف النجداوي وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، ورائد العدوان وزيرا للشباب، وإبراهيم البدور وزيرا للصحة، وصائب الخريسات وزيرا للزراعة، وعماد الحجازين وزيرا للسياحة والآثار، وطارق أبو غزالة وزيرا للاستثمار، وأيمن سليمان وزيرا للبيئة.
وقد أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الملك عبدالله الثاني، في قصر الحسينية، بحضور ولي العهد.
استبعاد العياصرة وفشل الإطاحة بالفراية
مصادر مطلعة تحدثت لـ “صوت الأردن” اعتبرت أن أهم ما في التعديل الوزاري لم يكن في الأسماء التي دخلت، بل في تلك التي لم تدخل، مشيرة إلى أن النائب عمر العياصرة كان مرشحا قويا لتولي حقيبة وزارية، لكن تم استبعاده في اللحظات الأخيرة ضمن ما وصفته المصادر بـ”تصفية حسابات داخلية وصراع أجنحة” رغم تقديم العياصرة كل مستلزمات الحصول على الحقيبة الوزارية من مهاجمة حماس إلى تأييد سياسات الحكومة بشكل مطلق.
كما كشفت المصادر أن المخابرات العامة فشلت في الإطاحة بوزير الداخلية مازن الفراية، رغم حملة واسعة استهدفته على مدى الأشهر الأربعة الماضية، وشملت تسريبات وتحركات إعلامية موجهة، إلا أن الفراية حافظ على موقعه، في ما اعتُبر مؤشرا على توازنات قوى دقيقة داخل منظومة الحكم، وانقساما في دوائر صنع القرار حول مستقبل عدد من الشخصيات الأمنية والسياسية.
التعديل ودوائر النفوذ
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن قائمة التعديل الوزاري التي رفعها رئيس الوزراء خضعت لتعديلات مفاجئة قبيل صدور الإرادة الملكية، بفعل تدخلات مباشرة من مراكز قوى مؤثرة.
وتشير المصادر إلى أن بعض المرشحين خرجوا من القائمة رغم دعمهم من رئيس الوزراء، ما يعكس حجم التأثير الذي تمارسه جهات غير رسمية على القرار التنفيذي في البلاد.
انتقادات لاذعة
ورغم الطابع الرسمي للتعديل، فقد قوبل بموجة من الانتقادات من قبل المواطنين والناشطين، الذين اعتبروا أن هذه التغييرات “لا تمس جوهر الأزمة”، وأنها تندرج ضمن محاولات شكلية لامتصاص الضغوط دون إحداث تغيير حقيقي.
وأكدت مصادر لصوت الأردن أن الشارع لم يعد مهتما بالأسماء بقدر اهتمامه بالنهج.
وقال ناشط سياسي رفض الكشف عن اسمه خوفا من الملاحقة، “لا داعي للاهتمام بمن خرج من الوزارة أو من دخل إليها فكلهم يؤدّون وظيفة واحدة، لا تتجاوز كونها رمزية في هيكل سياسي لم يعد يمتلك قراره الكامل”.
وأضاف آخر، أن ما جرى مجرد خطوة لإلهاء الرأي العام، حتى بات وضع الحكومة مثل الفرق الموسيقية التي تعزف بينما السفينة تغرق، بعد أن قفز منها كل القادة الحقيقيين.
غنيمة سياسية أم إصلاح حقيقي؟
مصادر صوت الأردن وصفت التعديل الوزاري بأنه “غنيمة تُقسّم خلف الأبواب المغلقة، بعيدا عن معايير الكفاءة أو الشفافية”. كما عبّرت المصادر عن اعتقادها بأن لا الداخل للحكومة مؤهل لتحمّل المسؤولية، ولا الخارج منها يُحاسب على تقصيره، بل إن التغييرات تُبنى على حسابات سياسية بحتة لا علاقة لها بمصالح المواطنين.
غياب تقييم الأداء يعمّق الأزمة
من أبرز الانتقادات التي طُرحت، هو غياب أي تقارير علنية تُقيّم أداء الوزراء الذين خرجوا من الحكومة، ما يثير الشكوك حول دوافع التعديل، ويُفقده المصداقية لدى الشارع.
وعن ذلك قال الناشط، إت المشكلة ليست في تغيير الأشخاص بل في غياب أدوات التقييم والمحاسبة، فمن دون إصلاح حقيقي وتغيير في آليات الحكم، فإن التعديلات لا تعدو كونها ذرا للرماد في العيون.
رغم شمول التعديل الوزاري لتسع حقائب مهمة، إلا أن المشهد العام في الأردن لم يتبدل، فالثقة الشعبية في الحكومات لا تزال تتآكل، وتسيطر مشاعر الإحباط على المواطنين الذين باتوا يرون التعديلات المتكررة مجرد إعادة تدوير للوجوه داخل منظومة مغلقة لا تؤمن بالتغيير الجذري.
وفي ضوء المعلومات التي حصلت عليها صوت الأردن، يبدو أن السلطة التنفيذية لا تزال تعمل تحت سقف تأثيرات خارجية وداخلية تُقيد قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة، مما يعمّق الإحساس العام بأن لا إصلاح حقيقي يُلوح في الأفق، ما لم يُعاد تعريف دور الدولة ومؤسساتها، ويُحرّر القرار السياسي من هيمنة الحكومة العميقة.