تقارير
من الذي يسير بالأردن نحو الهاوية؟ (تحليل)

كتب: المحرر السياسي
استيقظ الأردنيون فجأة يوم الثلاثاء الـ15 من نيسان/ أبريل 2025 على بيان لدائرة المخابرات العامة يزعم ضبط تنظيم مسلح مكون من 16 شخصاً، ويزعم البيان بأن هؤلاء الـ16 هم عبارة عن أربعة خلايا، إحداهن تضم ثلاثة أشخاص لديهم مصنع للصواريخ في مدينة الزرقاء، وأخرى تضم أربعة أشخاص وتنوي صناعة طائرات مسيرة بدون طيار لأغراض عسكرية. واتهم البيان هذه الخلية بأنها تُهدد أمن الأردن.
سرعان ما تبين بأن ثلاثة من هؤلاء الـ16 يُحاكمون أصلاً أمام محكمة أمن الدولة منذ أكثر من عام ونصف، وهم معتقلون منذ ذلك الحين، وعليه فمن المستحيل أن يكون لهم أية علاقة بالآخرين، فضلاً عن أن الآخرين تم اعتقالهم خلال التظاهرات المناصرة لغزة بمعزل تماماً عن الثلاثة. لكن الأهم من ذلك هو أن الثلاثة يُحاكمون أمام “أمن الدولة” بتهمة “محاولة تهريب أسلحة الى الضفة الغربية” وليس صناعة صواريخ، كما أن تهريب الأسلحة وإن كان يُشكل انتهاكاً للقانون لكنه ليس استهدافاً للأردن ولا أمنه، بل هو استهداف للإحتلال وذلك بدلالة وشهادة الوثائق التي لدى المحكمة.
بعيداً عن تفاصيل التنظيم المزعوم والذي يبدو أن قصته لم يُصدقها أحد، فقد تم إلصاق الأمر سريعاً بجماعة الاخوان المسلمين وشنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات في صفوف قادة الجماعة، كما بدأت حملة واضحة لتصفيتها ومنعها من تنظيم أية فعاليات ومنع وسائل الاعلام من التعامل معها ومع بياناتها والمتحدثين باسمها، ليدخل الأردن بأكمله في أزمة عميقة وغير مسبوقة بسبب الحملة التي تستهدف الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي وحركة حماس. وسارع “الذباب الالكتروني” مع “كتاب التدخل السريع” من أمثال سميح المعايطة وحسين الرواشدة الى الترويج الى شيطنة حركة حماس وجماعة الاخوان والتعامل معهم على أنهم أعداء الأردن!!
والسؤال المهم هنا: لمصلحة من يتم إشعال معركة داخلية في الاردن ويتم استنزاف جبهتنا الداخلية في الوقت الذي يواجه الأردن أخطر وأكبر تهديد اسرائيلي حقيقي تجلى واضحاً في الأحاديث الاسرائيلية المتكررة على لسان أكثر من مسؤول، حيث تارة ينشرون خريطة لاسرائيل تضم الأردن، وتارة أخرى يقولون إن الدولة الفلسطينية هي تلك الموجودة غربي النهر ويجب تهجير الفلسطينيين إليها، فيما تحظى الأطماعُ الاسرائيلية بدعم أمريكي واضح عبر مشروع التهجير الذي يتبناه ترامب!
لمصلحة من يُصبح الأردن واسرائيل معاً في مواجهة حركة حماس التي لم تطلق رصاصة واحدة خارج فلسطين منذ تأسيسها في العام 1987؟
ولمصلحة من يُراد “تمصير” الأردن بأن تصبح مثل مصر ليس فيها من يجرؤ على الكلام؟ وهل هذا القمع الذي يتم انتاجه في الأردن هو تمهيد لأمر ما كبير؟.. نحن الأردنيون نخشى أن يكون النظام قد وافق على التهجير وأن ما يقوم به الآن هو مجرد تمهيد لما وافق عليه وما سيتم تطبيقه (ومن حقنا أن نبدي هذه المخاوف).
من الذي يُريد إغراق الأردن في دوامة من الفوضى والأزمات الداخلية ويريد إشعار الناس بأنهم في أزمة وأنهم مهددون داخلياً من أولئك الذين يتظاهرون دعماً لغزة أو ينتقدون الاحتلال أو يريدون الوصول الى السفارة في الرابية؟!
ما نخشاه اليوم هو أن يكون ثمة تيار متصهين داخل الدولة الأردنية يريد افتعال هذه الأزمة الداخلية من أجل تمرير مخطط التهجير على حسابنا، وإلا فما المصلحة في إشعار نار الفتنة وإشغال الأردنيين بها؟
من هو “اللوبي” أو “التيار” المتصهين الذي يتغلغل في الأردن ويعمل ضدنا؟! ويريد أن يقود المملكة الى الهاوية، ويريد استنساخ التجربة المصرية البائسة والمخيبة.. تذكروا بأن مصر تولى حكمها السيسي عندما كان الدولار بـ6 جنيهات واليوم أصبح بـ50 جنيهاً، وها هي اليوم تغرق في المديونية والفساد والفقر والبطالة وسوء الحال.. لا تقودونا الى نفس الهاوية.