استحواذ مصرفي جديد يفاقم تركز البنوك ويقلص المنافسة في الأردن

أعلن بنك الاتحاد توقيع اتفاقية نهائية للاستحواذ على فروع وأعمال البنك العقاري المصري العربي في الأردن، في خطوة تعزّز موجة الاندماجات المتسارعة في القطاع المصرفي، وتعيد طرح تساؤلات جدية حول مستقبل المنافسة وتوازن السوق المالي في المملكة.
وبحسب الإفصاحات الصادرة عن بورصة عمّان، تهدف الصفقة إلى توسيع قاعدة العملاء وزيادة حجم الموجودات وتعزيز الانتشار الجغرافي لبنك الاتحاد، ضمن استراتيجية توسّع تستهدف الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تطوير الخدمات المصرفية الرقمية.
غير أن هذا التوسع يأتي في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي الأردني تقلّصًا تدريجيًا في عدد البنوك الفاعلة، نتيجة صفقات استحواذ واندماج متتالية، ما يثير مخاوف من ازدياد تركّز السوق بيد عدد محدود من المؤسسات الكبرى، وهو ما قد يضعف المنافسة الفعلية ويحدّ من تنوّع الخيارات المتاحة أمام العملاء.
ويرى مراقبون أن تضخم الكيانات المصرفية، رغم قدرته على تعزيز الملاءة المالية، قد ينعكس سلبًا على شروط الإقراض وأسعار الخدمات، لا سيما بالنسبة للأفراد وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في حال لم تُفرض ضوابط رقابية صارمة تضمن عدم استغلال النفوذ السوقي.
كما تطرح الصفقة أبعادًا اجتماعية واقتصادية حسّاسة، إذ غالبًا ما ترافق عمليات الاستحواذ إعادة هيكلة داخلية تشمل دمج فروع وإدارات، ما قد يؤدي إلى تقليص فرص العمل أو إعادة توزيع الكوادر، في سوق عمل يعاني أصلًا من محدودية الفرص وارتفاع معدلات البطالة.
ويأتي هذا الاستحواذ ضمن خطة اندماج نهائية بين بنك الاتحاد والبنك الاستثماري، يُتوقع أن تنتج عنها مؤسسة مصرفية تتجاوز موجوداتها 12 مليار دينار أردني، ما يمنحها ثقلًا كبيرًا في السوق، مقابل مسؤوليات مضاعفة للحفاظ على الاستقرار المالي وعدم الإضرار بتوازن القطاع.
وفي ظل هذه التطورات، تبقى الأنظار موجّهة إلى دور الجهات الرقابية، وعلى رأسها البنك المركزي الأردني، لضمان ألا تتحول الاندماجات المصرفية إلى أداة لاحتكار السوق أو تهميش صغار العملاء، وللتأكد من أن هذا التوسع ينعكس فعليًا على دعم الاقتصاد الوطني، لا على تضخيم الكيانات المالية فقط.






