تقارير

طفولة مفقودة بين القمامة.. 60% إصابات و77% إرهاق في أخطر ملف للأطفال

في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أسوأ أشكال عمل الأطفال، كشفت دراسة أصدرتها مؤسسة إنقاذ الطفل عن صورة مقلقة لما يواجهه الأطفال العاملون في نبش النفايات، حيث تعرض 60% منهم لإصابات مباشرة خلال العمل، فيما أكد 77% شعورهم الدائم بالإرهاق الشديد.

وجاء إصدار الدراسة تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الطفل، في محاولة لإبراز حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال العاملون في هذا القطاع الخطِر.

وتُبرز الدراسة، التي حملت عنوان “النباشون الصغار: طفولة مفقودة بين أنقاض النفايات”، التحديات الصحية والجسدية التي تهدد هؤلاء الأطفال، بما في ذلك الجروح والحروق وحوادث العمل والاعتداءات الجسدية، إضافة إلى تعرضهم لأمراض ناتجة عن احتكاكهم اليومي بالنفايات. واعتمد الباحثون منهجية كمية ونوعية عبر مقابلات معمّقة مع الأطفال وأسرهم في شرق عمّان والرصيفة والزرقاء لتحليل الظروف التي تدفعهم إلى العمل، وتقييم المخاطر التعليمية والاجتماعية المترتبة على ذلك.

وتشير البيانات إلى أن الأوضاع المعيشية الهشة تقف في صدارة الأسباب التي تدفع الأطفال للعمل في المكبات، إذ بلغ متوسط دخل الأسر المشاركة نحو 150 دينارًا شهريًا، وتعتمد 37% من هذه العائلات على الدخل الذي يوفّره الأطفال لتأمين احتياجاتها. ويكشف التقرير أن أغلبية الأهالي يعانون البطالة أو يعملون بأجور متدنية، ما يفاقم انعدام الأمن الغذائي ويجبر الأسر على الاقتراض وتحمّل الديون، وسط عجز واضح عن توفير أساسيات الحياة اليومية.

وتنقل الدراسة شهادات مؤلمة عن واقع العمل، من بينها قول طفلة إن الغبار الأبيض الناتج عن تفريغ الشاحنات يغطّي جسدها بالكامل، وإن التقاط قضيب معدني قد يؤدي إلى سقوط الحجارة أو الحطام عليها. كما يوضح التقرير أن الضغوط النفسية المصاحبة لهذا العمل تتسبب بتغيّرات سلوكية كالتدخين أو الانعزال، بينما يتراجع تحصيل كثير من الأطفال دراسيًا بسبب التسرب أو التنمر أو بعد المدارس عن أماكن سكنهم.

وفي السياق التشريعي، تؤكد الدراسة أن المادة 33 من قانون الأحداث تصنف الأطفال العاملين في نبش النفايات ضمن فئة “المحتاجين للحماية والرعاية”، فيما ينص قانون حقوق الطفل على ضمان التعليم والصحة والحماية من الإساءة، إضافة إلى حظر عمل الأطفال في المهن الخطرة وتفعيل آليات الرقابة والعقوبات على المخالفين.

وتشدد المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل الأردن، دانا عريقات، على أن عمل الأطفال ما يزال يشكل مصدر قلق بالغ، مؤكدة أن قطاع النفايات يعدّ من أخطر القطاعات التي يُستغل فيها الأطفال. وأوضحت أن الدراسة تقدّم رؤية شاملة لطبيعة المخاطر والثغرات في منظومة الاستجابة الحالية، وتدعو إلى فهم أعمق لسلاسل التوريد المرتبطة بهذا القطاع لتعزيز الحماية والحد من الانتهاكات.

وتختتم الدراسة بجملة من التوصيات العملية، أبرزها تعزيز الدعم المالي والاجتماعي للأسر الفقيرة، وتوسيع برامج الحماية والتعليم غير النظامي، وتوفير بدائل اقتصادية للأهالي، إلى جانب تنظيم قطاع الخردة وتشديد الرقابة على ظروف العمل. كما تدعو إلى رفع الوعي بحقوق الطفل، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والنفسية للأطفال العاملين، ودعم سحبهم التدريجي من سوق العمل بما يضمن إعادة دمجهم في الحياة المدرسية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى