تقارير

القصة الكاملة لسميح المعايطة: كيف كان موظفاً لدى حماس فأصبح وزيراً؟

صوت الأردن – خاص وحصري

حصل موقع “صوت الأردن” على معلومات مفصلة عن الوزير الأردني الأسبق سميح المعايطة البالغ من العمر الآن 60 عاماً، والذي تصدر المشهد السياسي الأردني مؤخراً بسبب ظهوره المتكرر على شاشات التلفزة المحلية وعلى قناة “العربية” السعودية، حيث اختص بتوجيه الانتقاد الحاد لحركة حماس التي تواجه حرباً اسرائيلية في غزة منذ أكثر من 18 شهراً، كما ينتقد المعايطة جماعة الاخوان المسلمين الذي تقود التظاهرات المناهضة للاحتلال الاسرائيلي ولحرب الابادة في غزة.

وبينما يتصدر المعايطة حديث الأردنيين حصل موقع “صوت الأردن” على معلومات ووثائق تتعلق بالمراحل الغامضة من مسيرة حياة الرجل، وهو ما يُمكن أن يُفسر الكثير من مواقفه ويُفكك الكثير من الألغاز حوله، ويجيب على الكثير من أسئلة الأردنيين حوله.

 

بداياته ونشأته

ولد “سميح مسلم خلف المعايطة” في مدينة الكرك جنوبي الأردن بالعام 1965، لكنه نشأ وترعرع في مدينة الزرقاء التي هاجرت اليها عائلته عندما كان طفلاً.

بدأ سميح المعايطة حياته في مدينة الزرقاء وسط الأردن متديناً، وسرعان ما انضم الى جماعة الاخوان المسلمين التي نشط في صفوفها في أواخر الثمانينيات مثل الكثيرين من أبناء جيله، حيث كان الأردن يشهدُ صحوة إسلامية غير مسبوقة، تصاعدت وتيرتها وتجلت بالتزامن مع حرب الخليج في العام 1991، وبالتزامن مع عودة عشرات الآلاف من الأردنيين من الكويت والذين كان من بينهم أعداد كبيرة من منتسبي جماعة الاخوان المسلمين.

قبل انقضاء عقد الثمانينيات كان المعايطة قد انتسب الى جامعة اليرموك في إربد، لكنه لم يصمد طويلاً حيث فشل وطُرد من الجامعة ولم يحصل على الشهادة، وكادت أحلام المعايطة تتبدد لولا أن الاخوان المسلمين أسسوا في العام 1991 جريدة “الرباط” التي سرعان ما استقطبت عدداً من نشطاء الاخوان وكان على رأسهم سميح المعايطة.

واصل المعايطة العمل في “الرباط” حتى إغلاقها، ثم انتقل مباشرة الى جريدة “السبيل” التي أطلقتها الحركة الاسلامية وكانت جريدة أكثر شمولاً وتطوراً ومهنية من “الرباط”. وخلال عمله في السبيل أراد المعايطة تعويض عقدة نقصه، حيث كان الوحيد الذي لا يحمل الشهادة الجامعية في الوسط الذي يعمل به، فالتحق بجامعة بيروت العربية وحصل على شهادة البكالوريوس بالانتساب.

 

علاقته بحركة حماس
وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “صوت الأردن” فقد توسع المعايطة في علاقاته داخل جماعة الاخوان المسلمين خلال عقد التسعينيات، وفي منتصف التسعينيات انضم المعايطة للعمل سراً في مكتب حركة حماس داخل الأردن، حيث كانت الحركة موجودة بشكل رسمي داخل الأردن وكانت جزءاً من تنظيم الاخوان المسلمين في الأردن.

وتكشف وثيقة هامة اطلع عليها موقع “صوت الأردن”، وتتحفظ على نشرها حتى لا ينكشف مصدرها، تكشف أن المخابرات الأردنية جندت المعايطة في منتصف التسعينيات (بحدود العام 1994 أو 1995)، وفي نفس الفترة استطاع التسلل الى مكاتب حركة حماس وأصبح موظفاً في مكتب نائب رئيس الحركة الدكتور موسى أبو مرزوق الذي كان حينها ما يزال في الأردن.
بعد العام 1995 أصبح المعايطة مصدر المعلومات الأهم للمخابرات الأردنية عن: شعبة الزرقاء، المركز العام للاخوان، جريدة السبيل، مكاتب حماس.

في العام 1999 أصدرت الأجهزة الأمنية الأردنية أوامر اعتقال بحق قادة حركة حماس الذين كان أغلبهم موجوداً خارج المملكة، وذلك على أمل أن لا يعودوا ويتحقق بذلك إبعادهم عن الأردن، لكنهم عادوا ومن ثم صدر قرار الابعاد وأغلقت مكاتبهم في الأردن منذ ذلك الحين.

وعلى هامش كل هذه الزوبعة التي شهدها الأردن كان أحد عناصر حماس المطلوبين شخص يُدعى “عزت الرشق” والذي قرر أن يلجأ الى صديق عمره سميح المعايطة، ففوجئ الرشق في اليوم التالي بقوات الأمن تقوم باعتقاله من منزل المعايطة في الزرقاء، وسرعان ما اكتشف بأن الرجل الذي لجأ إليه ليؤويه خانه وسلمه لجهاز المخابرات!

بعد خيانة العام 1999، سرعان ما انفتحت كافة الأبواب أمام المعايطة، فحصل على شهادة الماجستير من الجامعة الأردنية، وبعدها سرعان ما انتقل من جريدة “السبيل” الى يومية “العرب اليوم”، ومنها تحول الى السلك الحكومي.

وفي العام 2011 وبعد وقوفه ضد الحراك الشعبي الأردني سرعان ما صعد المعايطة ليتولى العديد من المناصب الحكومية الرفيعة، خاصة بعد أن اكتشف الاخوان المسلمون بأنه كان يتجسس عليهم لسنوات طويلة سابقة، وبالتالي لم يعد من الممكن أن يستمر في التواجد معهم ونقل ما يجري بينهم للمخابرات.

في العام 2012 أصبح وزيراً للإعلام، وبعدها خرج من الحكومة ليتولى رئاسة مجلس إدارة جريدة “الرأي” الحكومية، ولا يزال حتى الان يكتب المقالات في الصحف الأردنية ويخرج ضيفاً على القنوات الأردنية بين الحين والآخر، ووفقاً لأوامر وطلبات دائرة المخابرات التي تملي عليهم الفكرة التي تريد نشرها.

برز المعايطة أكثر من أي وقت آخر خلال الحرب الاسرائيلية على غزة، عندما قررت الأجهزة الأمنية في الأردن شيطنة المقاومة الفلسطينية، وإلقاء اللوم على حماس فيما يجري، والتحريض على جماعة الاخوان، وذلك في أعقاب خروج مئات الآلاف من الأردنيين الى الشارع ومحاولتهم اقتحام السفارة الاسرائيلية، حيث استخدم الجهاز الأمني هذه الطريقة من أجل تخفيف الاحتجاجات وضمان عدم توسعها.

 

انتحار شقيقه
في 22 أكتوبر 2018 فوجئ الأردنيون بخبر وفاة سامي المعايطة، وهو الشقيق الأصغر لسميح، وسرعان ما تبين بأن الرجل انتحر بإطلاق الرصاص على نفسه داخل مركبته التي كانت متوقفة في منطقة “الزرقاء الجديدة”، وعثرت أجهزة الأمن على الجثة وسرعان ما تم إغلاق الملف والتكتم على تفاصيل الحادثة بطلب من الوزير الأسبق وضابط المخابرات المتنفذ سميح المعايطة.

سامي المعايطة كان يعمل مديراً تنفيذياً لما يُسمى “هيئة شباب كلنا الاردن”، وهي كيان شبابي مدعوم من الملك عبد الله الثاني بشكل مباشر، وكان يهدف إلى إعداد كفاءات وشخصيات تتولى المناصب فيما بعد، وهو ما يعني أن سامي كان مرشحاً لأن يصبح وزيراً في وقت لاحق.

وبحسب مصدر أردني مطلع تحدث لـ“صوت الأردن” فان التحقيقات الأمنية انتهت الى أن سامي المعايطة مات منتحراً بمسدسه الشخصي، ولذلك فقد تم إغلاق الملف والتكتم عليه من قبل العائلة، ولم تنشر أية وسيلة إعلام في الأردن تفاصيل انتحاره، واقتصرت الأخبار المنشورة على التعازي لعائلة المعايطة.

سامي المعايطة

أما أسباب الانتحار التي اطمأن لها وجدان المحققين فهي فضيحة نسائية كانت تسبب له قلقاً كبيراً في أيامه الأخيرة بعد أن تعرض للابتزاز، وبعد أن كان يخشى من ضياع كل ما بناه في حياته إذا ما تسربت هذه الفضيحة.

وقال نقيب الصحفيين راكان السعايدة، في تصريحات لـ”روسيا اليوم” إن “جميع المعطيات تشير إلى أن الصحفي القتيل قد أقدم على الانتحار، بسبب ظروف خاصة مر بها في الفترة الأخيرة، نافيا وجود أي أسباب جنائية وراء الحادث”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى