مع تصاعد الصراع في المنطقة.. القوات الأجنبية تضع الأردن في مرمى النيران

في ظل التوترات الإقليمية المحيطة بالأردن وتصاعد احتمالية اندلاع حرب شاملة سُلط الضوء مجددا على الوجود العسكري الأجنبي في البلاد والخطر الذي تمثله بإقحام الأردن في حروب ونزاعات يحاول النأي عنها.
في خمسينيات القرن الماضي ارتبطت المملكة الهاشمية بعلاقات وطيدة مع الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، خاصة في سياق الحرب الباردة والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ ذلك الحين باتت العلاقات العسكرية والأمنية مع الدول الغربية أولوية لدى الأردن في بوصلته الخارجية.
ومع تصاعد المواجهة بين الاحتلال وإيران ودخول أمريكا على الخط، توجهت الأنظار صوب القواعد العسكرية الغربية وخصوصا الأمريكية في المنطقة والأردن تحديدا حيث برز السؤال الكبير، هل ستكون بوابة دخول المملكة الحرب؟
القواعد العسكرية الأجنبية
القوات الأمريكية
تنشر الولايات المتحدة قواتها في عدة قواعد بالأردن تعمل ضمن القيادة المركزية الوسطى للجيش الأمريكي.
بحسب تقرير “صلاحيات الحرب” المقدم من البيت الأبيض إلى الكونغرس في حزيران/ يونيو العام الماضي فقد بلغ عدد الجنود الأمريكيين في الأردن 3,813 جنديا، بزيادة قدرها 625 مقارنةً بعام 2023، حيث يعد هذا الرقم الأعلى منذ غزو العراق عام 2003.
قاعدة موفق السلطي الجوية (الأزرق)
تضم القاعدة قوات أمريكية وطائرات مسيّرة ومقاتلات، وتُستخدم في عمليات التحالف ضد “داعش” منذ عام 2014.
قاعدة “برج 22”
تقع بالقرب من الركبان شمال شرقي الأردن، حيث تضم نحو 3,000 جنديا أمريكيا كجزء من المهمة دعم ومساندة منذ تأسيسها عام 2015.
في كانون الثاني/ يناير 2024 قتل 3 جنود أمريكيين وأصيب العشرات في القاعدة إثر هجوم بطائرة مُسيّرة انتحارية أطلقتها جماعة المقاومة الإسلامية في العراق.
مواقع سرية
تحدثت تقارير مرارا عن مراكز تنسيق أو قواعد صغيرة داخل قواعد أردنية، لا يُعلن عنها رسميا.
القوات البريطانية والفرنسية
تشارك هذه القوات بشكل محدود في إطار قوات التحالف الدولي، سيما في مجال التدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
ويكون نشاطها ما يكون ضمن برامج تدريبية مشتركة أو تمركز مؤقت خلال أزمات إقليمية، وتتمركز بشكل أساس في قاعدة موفق السلطي.
القوات الألمانية
ينتشر 280 عنصرا من العسكريين الألمان في قاعدة “السلطي” وتتركز مهمتهم على ودعم عمليات تزويد جوي للقوات الدولية ضمن التحالف ضد تنظيم داعش.
كما تُستخدم القاعدة كمركز لوجستي للدعم الألماني ضمن التحالف، فضلا عن برامج تدريبية وتعاون استخباراتي داخل الأراضي الأردنية، خاصة فيما يخص مراقبة الحدود ومكافحة التهريب.
الناتو
افتتح مكتب الناتو في عمان منتصف العام الماضي وهو أول مكتب للحلف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويُعد منصة لتعزيز التعاون الإستراتيجي مع الأردن.
وتتلخص مهمة المكتب بالتدريب والتنسيق حيث يشارك الأردن بانتظام في تدريبات مشتركة ومحاكاة تخطيط العمليات بتنسيق مع ناتو (مثال: مركز Joint Warfare Centre على محاكاة C2 وأساليب التخطيط بالقاعدة قرب عمّان).
كما يتلقى ضباط أردنيون وأجانب تدريبات على إجراءات التخطيط العملياتي بتنسيق ناتو في مراكز قرب عمان.
مخاطر وأزمات
وبالرغم من إيجابيات الوجود العسكري الأجنبي الذي تتحدث عنه السلطات غير أن الثمن السيادي والسياسي والأمني قد يكون باهظا ، بالأخذ بنظر الاعتبار قضيتي الاستقلال الوطني والتحالفات الخارجية.
يقول ضابط متقاعد في الجيش العربي الأردني، إن هذه القضية تمثل انتهاكا للسيادة خصوصا مع منح امتيازات قانونية خاصة للقوات الأجنبية (مثل الحصانة من القضاء المحلي) وهذا يفجر أسئلة جوهرية بشأن مدى استقلال القرار الوطني، في ظل اتفاقيات مثل مذكرة التفاهم مع الولايات المتحدة.
وفي عام 2011 وقع الأردن مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة نصت على استمرار التعاون الأمني والعسكري، والسماح للقوات الأمريكية باستخدام أراضٍ ومرافق أردنية دون رقابة مباشرة من السلطات الأردنية، ما أثار انتقادات واسعة.
كما منحت المذكرة حصانة شبه كاملة للعسكريين الأمريكيين، ما فجر جدلا واسعا بشأن السيادة الوطنية.
ويضيف الضابط الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، أن وجود قواعد أجنبية يجعل الأردن هدفا لهجمات جماعات أو تنظيمات متطرفة، كما حدث في هجوم قاعدة برج 22.
وتابع، كما أن هناك خطر أكبر وهو أن تصبح المملكة ساحة صراع دولي في ظل التصعيد الراهن بالمنطقة لا سيما أن الأردن وأن تحدثت علنيا بالحياد لكنها عمليا مع طرف ضد الآخر بفعل تحالفاتنا وعلاقتنا الدولية.
كما تنظر الدول الإقليمية وعلى رأسها إيران بقلق إلى القواعد الغربية قرب حدودها، ما قد يعقّد علاقات الأردن الدبلوماسية ويزيد من العزلة الإقليمية، وفقا للضابط المتقاعد.
وبموازاة ذلك يتصاعد الغضب الشعبي في الأردن من الوجود العسكري الغربي، إذ يقول ناشطون أنه يتعارض مع كرامة الدولة، وقد يثير احتجاجات أو سخطًا داخليًا في حال تصاعد أي تدخل أو تجاوز.
كما ينتقدون الاعتماد المفرط على المساعدات الأمنية الغربية ما يؤدي إلى إهمال تطوير قدرات وطنية مستقلة، ويجعل القرار الدفاعي الأردني مرتبطا بإرادة خارجية.