تقارير

مخاطر اقتصادية وسياسية لاعتماد الأردن على الغاز الإسرائيلي


مع بدء التصعيد بين إيران والاحتلال دق ناقوس الخطر حول إمدادات الغاز في الأردن، خصوصا بعد إعلان الاحتلال إيقاف توريد عن البلاد.

وسريعا، أعلنت شركة الكهرباء الوطنية في الأردن، صباح اليوم الإثنين، تفعيل خطة الطوارئ الخاصة بتوزيع الغاز، في خطوة احترازية تهدف إلى الحفاظ على استقرار شبكة الكهرباء الوطنية.

وبحسب بيان رسمي صادر عن الشركة، فقد تقرر إيقاف تزويد المصانع المتصلة بشبكة الغاز الطبيعي بشكل مؤقت، نتيجة التراجع الملحوظ في تدفقات الغاز، مشيرةً إلى أن القرار يأتي ضمن أولويات الطوارئ التي تم اعتمادها مسبقًا تحسبًا لأي تصعيد.

ويُعد اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل من أبرز القضايا المثيرة للجدل في الأردن، لما ينطوي عليه من أبعاد سياسية واقتصادية واستراتيجية تمس الأمن القومي الأردني، وتضع الدولة في موقف الارتهان التدريجي لمصدر طاقة حساس مرتبط باحتلال مستمر.

مخاطر اقتصادية

وذكر خبير اقتصادي لـ “صوت الأردن”، أن الاتفاق يحمّل الأردن التزامات مالية ضخمة، غ بغض النظر عن حاجة المملكة الفعلية للغاز، ما يعني شراء كميات قد لا تستخدم بالكامل.

وأضاف، أن الاستثمار في هذا العقد طويل الأمد أوقف أو أجل تطوير مصادر بديلة محلية أو إقليمية للطاقة، كالصخر الزيتي أو الطاقة المتجددة أو الغاز المصري.

مساس بالأمن القومي

وعن خطورة الاتفاقية من الناحية السياسية، ذكر مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه، أن الربط الاستراتيجي مع مصدر طاقة قادم من دولة تحتل أراضي عربية وتخوض صراعًا مستمرًا مع الشعب الفلسطيني يضع الأردن في موضع حرج أخلاقي وسياسي، ويقيد خياراته السيادية.

وأكد أنه في حال توتر العلاقات أو نشوب أزمات إقليمية، يمكن لإسرائيل أن تستخدم وقف الإمدادات كورقة ضغط سياسي على الأردن، مما يهدد أمنه الطاقي.

وأشار إلى أن الاتفاق قوبل بموجات احتجاج شعبي ونيابي، لما يحمله من تطبيع اقتصادي مع الاحتلال، واعتُبر خيانة للموقف التاريخي الأردني الداعم للقضية الفلسطينية.

وفي فترات متكررة، رافق هذا الرفض الشعبي تضييق أمني واعتقالات بحق نشطاء شاركوا في التظاهرات الرافضة للاتفاق، وفقا للمصدر.

دعوات لإلغاء الاتفاقية

ومع قطع الإمدادات تعالت الأصوات المحذرة من مغبة الاستمرار بهذه الاتفاقية، حيث قال الناشط سلطان العجلوني في منشور على منصة “إكس” إن “هذا الذي حذرنا منه وقالوا إننا سوداويون متشائمون وهذا سيناريو وهمي لن يحدث، لا يوجد عاقل يرهن أمن طاقته بيد عدو لديه عداوات مفتوحة مع نصف الدنيا!”.

وتساءل، “هل ستتم الآن أخيراً مراجعة اتفاقيات العار مع الاحتلال؟ وبما أنكم جاهزون ولديكم بدائل مستدامة لماذا ورطتم البلد في هذه الاتفاقيات؟”.

من جانبه أكد النائب صالح العرموطي أن توقف إسرائيل عن تزويد الأردن بالغاز يمثل مسوغا قانونيا واضحا لإلغاء اتفاقية الغازالموقعة مع الاحتلال، ويمنح الأردن الحق في مطالبة الاحتلال بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها.

وقال العرموطي، إن هناك ما لا يقل عن 12 سببًا قانونيًا يُتيح للأردن إلغاء الاتفاقية، أبرزها توقف التوريد، وهو ما تسبب بأضرار اقتصادية مباشرة، مبينا أن مصر سبق أن حصلت على تعويضات بمليارات الدولارات بعد أن توقفت إسرائيل عن ضخ الغاز إليها.

وأضاف أن نصوص الاتفاقية نفسها تتيح للأردن اللجوء للتحكيم الدوليوالمطالبة بالتعويض دون أن تتحمل خزينة الدولة أي تبعات مالية.

كما لفت النائب إلى أن قيام مجلس النواب بتوقيع مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من الاحتلال، يُعد أيضا سببًا إضافيًا ومشروعًا لإنهاء الاتفاقية، إلى جانب إفلاس شركة نوبل إنرجي التي وقّعت العقد وبيعها لاحقًا، وهو ما يمس بشرعية الاتفاق من الناحية القانونية.

وأكد النائب أن خسائر شركة الكهرباء الوطنية التي تجاوزت 7 مليارات دينار، تفوق رأس مالها بكثير، وتشكل إنذارا اقتصاديا خطيرا يدعم المبررات القانونية لإلغاء الاتفاق.

كما لفت إلى أن وجود نزاعات قانونية مرفوعة ضد الاحتلال حول حقل الغاز الذي يتم التوريد منه، يمثل عاملًا قانونيًا إضافيًا يجب استغلاله.

وشدّد العرموطي في ختام حديثه على أن الغاز والمياه لا يجوز أن يكونا تحت سيطرة العدو الصهيوني، مؤكدًا أن الأردن يمتلك بدائل متعددة، مثل الغاز المستورد عبر العقبة، وغاز الريشة، ومشروع العطارات، ما يُعزز القدرة على الانفكاك من الاتفاقية دون تهديد أمن الطاقة.

وفي عام 2016، وقعت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية اتفاقًا مع شركة “نوبل إنرجي” لاستيراد الغاز من حقل “ليفياثان” البحري الإسرائيلي، بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار على مدار 15 عاما.

وبدأ الضخ الفعلي للغاز في مطلع عام 2020، بموجب الاتفاق الذي وُقّع رغم المعارضة الشعبية والبرلمانية الواسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى