تقارير

“فعاليات الشبع في زمن المجاعة”.. غضب شعبي ضد مهرجان الطعام “جوعي غزة أولى”

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الأردن حملة شعبية واسعة تطالب بمقاطعة مهرجان الطعام المقرر إقامته في العاصمة عمان خلال الأيام المقبلة، احتجاجًا على تنظيم الفعالية في ظل استمرار حرب الإبادة والمجاعة التي يعيشها سكان قطاع غزة.

“يأكلون.. ونحن نعد الجوعى”
انطلقت الحملة تحت وسم #قاطعوا_مهرجان_الطعام و#جوعى_غزة_أولى، حيث عبر مئات النشطاء عن غضبهم من ما وصفوه بـ”فقدان الإحساس الإنساني” تجاه كارثة إنسانية تتكشف على مرأى العالم، بينما تقام على بعد مئات الكيلومترات فعالية احتفالية بـ”الأكل والترف”.

كتب أحد النشطاء: “غزة تعيش على فتات الإنزالات الجوية، وأطفالها يموتون بسبب الجوع، بينما نقيم مهرجانًا للاحتفاء بالشراهة؟ أي صورة نرسمها عن أنفسنا؟”

وشبه آخرون إقامة المهرجان وسط هذه الظروف بـ”الرقص على المقابر”، مشيرين إلى أن المشاركة في فعالية كهذه تعني تجاهلا صارخا لمعاناة الفلسطينيين الذين يواجهون مجاعة ممنهجة كشفت عنها مؤخرًا تقارير أممية وصحف عالمية على رأسها الغارديان البريطانية.

المهرجان في مرمى الغضب الشعبي
المهرجان، الذي تنظم برعاية شركات غذائية كبرى، يروج لنفسه باعتباره “احتفالًا بالنكهات العالمية”، ويتضمن عروضا للطهي، وتذوق أطباق من مختلف دول العالم، ومسابقات في الأكل، وهو ما اعتبره ناشطون “استفزازيًا وغير أخلاقي” في التوقيت الحالي.

وسأل أحد المغردين: “كيف نفسر لأطفال غزة الذين يأكلون أوراق الشجر، أننا نقيم مسابقات لأسرع من يلتهم شطيرة ضخمة؟”

غضب من ازدواجية المعايير
الحملة لم تقتصر على الهجوم على المهرجان نفسه، بل طالت أيضًا بعض الشخصيات العامة والمؤثرين الذين أعلنوا مشاركتهم في الفعالية، وصف بعضهم بـ”منفصلين عن الواقع”، فيما دعا آخرون هؤلاء إلى اتخاذ موقف أخلاقي بمقاطعة الحدث، تضامنًا مع الضحايا في غزة.

وأشارت الحملة إلى التناقض بين ما تروّجه بعض الجهات الأردنية الرسمية والإعلامية حول دعم الشعب الفلسطيني، وبين الصمت حيال فعاليات يُنظر إليها كاستهتار بالمعاناة الفلسطينية.

 

دعم إعلامي ورعاية رسمية.. وغياب عن نبض الشارع
ما زاد من حدة الغضب الشعبي أن مهرجان الطعام يحظى بدعم إعلامي واسع من قنوات محلية ورسمية وصحف ومواقع إلكترونية بارزة، إلى جانب رعاية مباشرة أو غير مباشرة من مؤسسات رسمية أو بلدية، بحسب ما رصده النشطاء.

وقد اعتبر هذا الدعم “انفصالًا فجًّا عن مشاعر الناس”، خاصة أن الإعلام نفسه يفترض به أن يغطي المأساة في غزة لا أن يروج لاحتفاليات مترفة في وقت تعيش فيه الأمة واحدة من أكبر كوارثها الإنسانية.

ورأى مشاركون في الحملة أن غياب أي موقف رسمي واضح أو نقد للفعالية يعكس “تواطؤًا بالصمت”، معتبرين أن مؤسسات الدولة مطالبة اليوم باتخاذ مواقف تعكس التزامها المعلن بالقضية الفلسطينية، لا الوقوف على الهامش بينما تتقاطع رسائل الفعاليات الترفيهية مع خطاب التجويع والإبادة.

مجاعة غزة ومساعدات رمزية
يأتي هذا الجدل وسط تصاعد الغضب الإقليمي من تفاقم المجاعة في قطاع غزة، التي وصفتها تقارير الأمم المتحدة بأنها “كارثة من صنع الإنسان”. وفي تقرير صادم، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن إسرائيل تتحكم بدقة في كمية الغذاء المسموح بدخوله إلى القطاع، عبر ما وصفته بـ”حسابات الجوع”، وهي سياسة تهدف لإبقاء السكان على قيد الحياة فقط دون تمكينهم من الحياة الكريمة.

وبينما تشارك الأردن في عمليات إنزال مساعدات جوية، يرى كثير من الأردنيين أن هذه الخطوات لا يمكن أن تكون مبررًا للسكوت عن “مشاهد التخمة” في وقت تعيش فيه غزة لحظة تاريخية من العجز الغذائي والمعاناة الجماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى