
في خطوة تضامنية حاشدة، شهدت العديد من المدن والمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن اليوم الإثنين إضرابا عامًا استجابة لدعوات التضامن مع غزة التي تتعرض لهجمات الاحتلال الإسرائيلي مدمرة.
وامتد الإضراب ليشمل العديد من المؤسسات التجارية الخاصة في مختلف أنحاء المملكة، رغم التحذيرات الحكومية التي دعت إلى عدم المشاركة في هذا التحرك احتجاجًا على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في القطاع.
الاستجابة الواسعة للإضراب
وتوقف العديد من الموظفين عن العمل لمدة ساعة، في حين أعلنت مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب ومختلف القطاعات الشبابية انخراطها في الإضراب، لا سيما في المخيمات الفلسطينية كالحسين والوحدات والبقعة التي خرجت فيها مسيرات رافضة للعدوان.
وشهدت العديد من المخيمات، إضرابا شبه كاملا، حيث تم إغلاق المحال التجارية في مخيمات البقعة والوحدات شمال العاصمة عمان، وكذلك في مخيمي السوف والحصن شمال المملكة.
وفي الزرقاء، شهد مخيم حطين إغلاقًا شاملاً للمحال التجارية كدليل على الدعم الواسع للمجتمع الفلسطيني في غزة، الذي يعاني من استمرار العدوان “الإسرائيلي”، في مشهد يعكس عمق الغضب الشعبي إزاء الصمت الدولي والتواطؤ مع الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في القطاع.
التحذيرات الرسمية واحتجاجات شعبية
رغم التحذيرات الرسمية من المشاركة في الإضراب، بما في ذلك تهديدات بالمساءلة القانونية وفرض العقوبات، استجابت العديد من المؤسسات التجارية في الأردن لدعوات الإضراب، وأغلقت أبوابها تعبيرًا عن رفضها للتصعيد “الإسرائيلي” وللتضامن مع ضحايا غزة.
واحتجت اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية في الأردن على محاولات السلطات منع الإضراب، مشيرة إلى أنها كانت تستهدف حتى عائلات المتضامنين، وأكدت أن محاولات القمع لن تثني الشعب الأردني عن تقديم الدعم لغزة.
وكانت السلطات الأردنية قد أصدرت تحذيرات من المشاركة في الإضراب الذي دعت إليه الجبهة الوطنية في الأردن تضامنًا مع غزة، حيث تشير التحذيرات إلى أن المشاركة في الإضراب قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي وأن هناك محاولات لمنع انخراط الأردنيين في هذا التحرك.
كما ورد في البيان الذي صدر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية، أن السلطات وصلت إلى حد تهديد عائلات بعض المتضامنين، بينهم الإعلامي محمد أبو عريضة، في محاولة لمنعهم من المشاركة في الإضراب.
إلى جانب هذه التحذيرات، كانت السلطات الأردنية قد عبرت عن موقفها بعدم تشجيع المشاركة في هذا الإضراب الذي اعتبرته تهديدًا للأمن الداخلي، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من بعض الجهات الشعبية التي اعتبرت هذه التحذيرات بمثابة قمع للحريات وحرمان من الحق في التعبير عن التضامن مع غزة.
الحركات الطلابية
وتبنى الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الأردن، وهو تحالف يضم أحزابًا ومؤسسات مدنية، دعوة الإضراب العالمية تضامنًا مع غزة، وفي بيانه الذي دعا فيه إلى المشاركة الواسعة، أكد الملتقى أن اليوم سيكون “يوم الغضب الأردني”، يومًا من أجل رفع الصوت عالياً ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي، التي تواصل قتل المدنيين من الأطفال والنساء، وتدمير منازلهم في محاولة لتهجيرهم من أراضيهم.
كما شدد البيان على أن الدم الفلسطيني ليس رخيصًا، وأن كرامة الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تُهان. وتدعو الدعوة إلى أن يكون هذا اليوم فصلًا من فصول الكرامة والحرية للشعوب المظلومة.
وفي إطار التضامن، أعلن مجلس نقابة المحامين الأردنيين عن تعليق العمل في جميع محاكم المملكة يوم الإثنين من الساعة 11 صباحًا حتى الساعة 12 ظهرًا، احتجاجًا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني. وطالب المحامون بوقف المجازر المستمرة ضد الفلسطينيين، بالإضافة إلى رفضهم لكافة مشاريع التهجير والتوطين التي تهدد هوية الشعب الفلسطيني.
بيانات الدعوة للإضراب
أصدرت اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية بيانًا دعت فيه الشعب الأردني إلى المشاركة في الإضراب، مؤكدة أنه يشكل موقفا إنسانيا ضد ما وصفته بـ”الإبادة الجماعية” التي يتعرض لها الفلسطينيون.
ودعت اللجنة إلى إضراب عام يوم الإثنين 7 أبريل، الذي اعتبرته يومًا للغضب ضد الفاشية الصهيو-أمريكية، مؤكدة أن هذه المشاركة تعتبر مسؤولية قومية وإنسانية للوقوف مع غزة التي تواجه حرب إبادة وحشية.
إضراب عالمي ومشاركة واسعة
تزامن الإضراب في الأردن مع إضراب عالمي دعت إليه العديد من الدول احتجاجًا على الانتهاكات “الإسرائيلية”. وشهدت العديد من المدن العربية والدولية حركات تضامنية مشابهة، حيث تم تنظيم مسيرات وحملات إلكترونية لتسليط الضوء على الجرائم التي ترتكب في غزة والمطالبة بفرض عقوبات دولية على “إسرائيل”.
الدعوات للمزيد من التحركات
أشار الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن إلى أهمية استمرار التحركات الشعبية في الأردن والعالم العربي لإرسال رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن التضامن مع غزة لا يتوقف، وأن دماء الفلسطينيين ليست رخيصة. كما شدد على ضرورة الضغط على الحكومات العربية لتبني مواقف أكثر حزمًا ضد الاحتلال.