رحيل غرايبة: حكومات بلا انتخابات.. فكيف نثق باستطلاعات بلا حياد؟

صوت الأردن
كثر في العالم العربي التعلق بالشكل دون المضمون، وبرز ذلك بوضوح في تقليد الأنظمة لبعض المظاهر الديمقراطية الغربية دون تبني جوهرها، من الانتخابات إلى استطلاعات الرأي، حيث تسعى بعض الحكومات إلى تزيين صورتها أمام الداخل والخارج، بينما تغيب الآليات الفعلية للمحاسبة والمشاركة الشعبية.
في مقال جديد له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تساءل الدكتور رحيل غرايبة عن جدوى استطلاعات الرأي العام في دول لا تستند أنظمتها السياسية إلى أحزاب منتخبة ولا تمتلك معارضة فاعلة، مؤكداً أن تقليد مثل هذه الممارسات الغربية في بيئة سياسية مغلقة لا يعكس واقعًا ديمقراطيًا، بل يساهم في تضليل الرأي العام والتقليل من وعيه السياسي.
وأوضح غرايبة أن استطلاعات الرأي في السياق الأردني تفتقد إلى المعايير العلمية والحيادية، ولا تنعكس نتائجها على قرارات الحكومة أو على المزاج العام، متسائلًا بسخرية عن سبب ارتفاع شعبية حكومات لا تقوم إلا برفع الضرائب وسنّ القوانين التي تزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطنين، في وقت تتراجع فيه المؤشرات التنموية والديمقراطية بشكل عام.
والدكتور رحيل محمد محمود غرايبة هو مفكر سياسي وأكاديمي أردني بارز، ولد في 18 يناير 1957 في محافظة عجلون. حصل على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة ستراسبورغ للعلوم الإنسانية في فرنسا عام 1991، بتقدير مرتبة الشرف الأولى. شغل عدة مناصب أكاديمية في جامعات أردنية، منها جامعة مؤتة وجامعة اليرموك، حيث عمل أستاذا مشاركا ورئيسا لقسم الشريعة.
وفي عام 2013، شارك في تأسيس “المبادرة الأردنية للبناء – زمزم”، التي تحولت لاحقا إلى حزب سياسي، حيث انتخب أمينًا عامًا له، كما شغل منصب رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن، ويعرف بكتاباته ومقالاته التي تركز على قضايا الديمقراطية والحكم الرشيد والإصلاح السياسي في العالم العربي.
وفيما يلي النص الكامل لمقال الدكتور رحيل غرايبة التي نشرها عبر حسابه على منصة فيسبوك:
أحيانا نحن نقلد الأخرين بلا منطق سليم.. ويحمل هذا التقليد البشع قدرا من الاستلطاخ للشعوب.. مثل اصدار استطلاعات الرأي..
فالبلاد التي تجري فيها استطلاعات الرأي هي التي تتشكل فيها الحكومات من الأحزاب التي فازت بالانتخابات العامة.. فقد يحدث من الأحداث الكبيرة والانعطافات السياسية التي تغير نظرة الناخبين ودافعي الضرائب.. فتستفيد المعارضة من انخفاض شعبية الحكومة التي قد تتفوق عليها فيما لو أجريت انتخابات مبكرة.
طيب إحنا لويش نعمل استطلاعات رأي.. فلا الحكومة جاءت بانتخابات ولا تحالفات انتخابية ولا يوجد معارضة بالمعنى السياسي الديموقراطي… بمعنى أن هذه الاستطلاعات لا فائدة منها ولا أثر ولا بتقدم ولا بتأخر .
فضلا عن نافلة القول إن الاستطلاعات تجريها مراكز محايدة وبطريقة علمية محايدة.. وهناك أكثر من مركز وأكثر من جهة قادرة على اجراء هذه الاستطلاعات بحرية ونزاهة وحيادية.. ويتم كشف الدراسات المغرضة والموجهة والممولة سلفا..
أما عندنا فلا المراكز محايدة ولا الاستطلاعات علمية وليس هناك مراكز متعددة ايضا لتعزيز مصداقية النتائج.. ولا يوجد عندنا حكومات حزبية ولا شبه حزبية ولا تقترب من ذلك وليس لها اي علاقة او صلة نسب بنتائج الانتخابات البرلمانية لا من قريب ولا من بعيد .
ولذلك استطلاعات الراي لدينا لا تساوي ثمن الجهد الذي بذل فيها، وليس لها أي أثر يذكر على الإطلاق بالضغط على الحكومة لاي اتجاه فيما افترضنا صحتها ونزاهتها.
والحكومة السابقة عندما حصلت على أدنى نتيجة منخفضة في تاريخ الحكومات المتعاقبة منذ صار لدينا مركز متخصص بهاي السواليف .. قال رئيس الحكومة انذاك بكل وضوح : بأنه لا يبحث عن الشعبويات .. ولا يهمه اصلا رضي الناس أو عدم رضاهم بالعربي الفصيح.. والرجل صادق بهاي العبارة تحديدا.. لأنه رضى الشعب وغضبه ليس له قيمة في تشكيل الحكومات ولا يقدم ولا يؤخر بالنسبة له وهو منسجم مع نفسه بالمناسبة!! واستمر الى آخر دورته وزيادة حبتين.. وطول بالحكومة أكثر من وصفي التل.
لا أدرى كيف تزيد شعبية حكومة لدينا ولماذا تزيد.. ولا عمل لها سوى رفع الضرائب وسن قوانين جديدة لتحسين مستوى التحصيل الضريبي..
فمعدل الدخل الفردي لا يزيد.. وترتيب الاردن على دليل التنمية البشرية يتراجع.. وترتيب الاردن على مؤشرات الفساد يزيد.. والدين العام في ازدياد.. والعجز التجاري يزداد.. ومعدلات البطالة بين الشباب يزداد.. وترتيب الاردن وفق مؤشرات الديموقراطية تتراجع.. والخدمة الصحية في القطاع العام تتناقص.. والقطاع العام في التربية يتدهور لحساب ازدهار القطاع الخاص.
تزيد شعبيتكم على إيش …؟!!