تقارير

“دولة درزية” جنوبي سوريا.. ملامح خطة للاحتلال تهدد الأردن

تشهد محافظة السويداء في جنوب سوريا تطورات ميدانية وسياسية متسارعة وغير مسبوقة، مع انسحاب الجيش السوري بشكل كامل من المدينة والمناطق المحيطة بها، بالتزامن مع تكليف فصائل محلية ورجال دين دروز بمسؤولية الأمن، بحسب ما أكدته مصادر في المرصد السوري لحقوق الإنسان وشهود عيان لوكالة فرانس برس

وجاء هذا الانسحاب بعد غارات عنيفة شنها الاحتلال على السويداء ودمشق ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع لإلقاء خطاب فجر الخميس أعلن فيه أن حكومته قررت سحب القوات الرسمية وتسليم الملف الأمني لـ”مشايخ العقل” وبعض الفصائل المحلية، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتفادي مواجهة مفتوحة قد تجر البلاد إلى مزيد من الفوضى والانهيار.

عدوان إسرائيلي واسع
تزامن هذا التحول السياسي والأمني مع عدوان غير مسبوق شنّه جيش الاحتلال الإسرائيلي، استهدف نحو 160 موقعا في محافظات السويداء ودرعا ودمشق، شملت منشآت مدنية ومقار عسكرية، بما في ذلك مقر الأركان العامة للجيش السوري قرب القصر الرئاسي في دمشق، وفق ما أعلنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.

وأكد وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن “مرحلة التلميحات انتهت، وبدأت مرحلة الضربات المؤلمة”، في تهديد واضح بمواصلة التصعيد حتى “انسحاب القوات المعادية” من السويداء، في إشارة إلى الفصائل المدعومة من إيران أو حزب الله، بحسب الرواية الإسرائيلية.

كما دفعت تل أبيب بتعزيزات عسكرية على طول الحدود مع سوريا، في تحرك يعكس نوايا واضحة لتوسيع العملية العسكرية وربما فرض أمر واقع جديد في الجنوب السوري.

مشروع “الدولة الدرزية” يعود للواجهة
وسط هذه الأحداث، عاد إلى السطح الحديث عن “مشروع ممر داوود” الإسرائيلي، الذي يتضمن سيناريو فصل محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، وتحويلها إلى كيان شبه مستقل تحت حماية إسرائيلية.

كما تزامن مع مناشدات من القيادة الروحية للدروز في سوريا، وعلى رأسهم الشيخ حكمت الهجري، الذي دعا لإعلان السويداء “منطقة منكوبة” وفتح ممر إنساني مع مناطق الأكراد شمال شرق البلاد.

الرئيس السوري أحمد الشرع، وفي خطابه الأخير، أقرّ بخطورة الوضع، محذرا من محاولات تقسيم البلاد على أسس طائفية أو مناطقية، ومؤكدا أن “سوريا لن تكون مكانا للتقسيم أو الفتنة”. كما تعهد بمحاسبة من تجاوز على أبناء الطائفة الدرزية.

الأردن في مرمى التهديدات
وفي سياق متصل، حذّر مصدر مطّلع من أن ما يجري في الجنوب السوري يشكل تهديدًا مباشرًا واستراتيجيًا للأردن، خاصة في حال تطور المشروع الإسرائيلي لدعم انفصال السويداء إلى دولة درزية مستقلة.

وأشار المصدر في حديث لـ “صوت الأردن” إلى أن ذلك قد يشجّع بعض الأصوات من دروز الأردن على المطالبة بالانضمام لهذا الكيان المفترض، وهو ما قد يمس بشكل خطير وحدة الدولة الأردنية وتماسك نسيجها الاجتماعي.

كما حذّر من موجة جديدة من اللجوء السوري قد تتجه نحو الأردن إذا استمرت حالة الانهيار الأمني في الجنوب السوري، ما سيزيد من الضغط على الاقتصاد الأردني والبنية التحتية والخدمات.

وقال المصدر: “بينما يواجه الأردن هذه التهديدات الاستراتيجية على حدوده، تنشغل بعض الأجهزة الأمنية بتصوير جماعة الإخوان المسلمين كخطر داخلي، وبشن حملات تضييق واعتقال بحق النشطاء والمعارضين، وهو ما يعمق الانقسام الداخلي بدلًا من توحيد الصفوف”.

وأضاف أن “ما يحدث في الأردن اليوم من تصعيد أمني وقمع سياسي لا يخدم سوى إسرائيل، التي تسعى لفرض وقائع تقسيم وتفتيت في الجوار، فيما يبقى الأردن هو الخاسر الأكبر إذا لم يُعد ترتيب أولوياته ويحصّن جبهته الداخلية.”

دعوات لتوحيد الصف
وأكد المصدر أن مواجهة مثل هذه التحديات المصيرية تتطلب إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية والحوار الداخلي، ووقف الحملات الأمنية التي تضعف الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة، وتُشغل الأردنيين بصراعات جانبية في لحظة وطنية حرجة تتطلب أعلى درجات التماسك والوضوح في الموقف الرسمي والشعبي.

وختم قائلا “إذا لم يتم التعامل مع هذه التطورات بعين وطنية استراتيجية، فإن تداعياتها لن تتوقف عند حدود السويداء، بل ستمتد لتطال عمق الاستقرار الأردني ومصيره الإقليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى