دراسة علمية تكشف عن إصابة سكان جرش القدماء بالطاعون قبل 1400 عام

قال مدير عام دائرة الآثار العامة، الدكتور فوزي أبو دنه، إن عملية استخلاص الحمض النووي من الأسنان التي عُثر عليها في مقبرة أثرية بمدينة جرش جاءت ضمن دراسة علمية متخصصة أُجريت في مختبرات دولية متقدمة.
وأكد أبو دنه أن التحاليل الجينية أثبتت وجود حمض نووي قديم يشير إلى إصابة أصحاب هذه الهياكل العظمية بمرض الطاعون خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن السادس وحتى منتصف القرن السابع الميلادي، وربما حتى نهاية العصر الأموي، بحسب الرأي العلمي للدراسة.
وأوضح أن العينات التي تم تحليلها أخذت تحديدًا من الأسنان، وبالأخص الأضراس، نظرًا لقدرتها العالية على الاحتفاظ بالحمض النووي لفترات طويلة، مشيرًا إلى أن حالة الأسنان الممتازة ساعدت الفريق البحثي على استخلاص العينات بنجاح.
وأضاف أن الفريق البحثي عثر على أكثر من 200 هيكل عظمي لأشخاص بالغين وأطفال أثناء الحفريات الأثرية التي أُجريت عام 1993 في ميدان سباق الخيل (الهيبودروم) بمدينة جرش.
وأكمل أبو دنه، وفق ما نقلت عنه صحف محلية، بأن الهياكل وُجدت داخل حجرتين كانتا تُستخدمان كـ”مدافن” في تلك الفترة، ما يشير إلى أن الميدان توقف عن أداء وظيفته الأساسية وتحول لاحقًا إلى منطقة صناعية، حيث عُثر في الموقع ذاته على أفران لصناعة الفخار وبقايا أنشطة حرفية أخرى.
ولفت إلى أن الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة “جينات” (Genes) نهاية شهر تموز الماضي، أظهرت أن انتشار الطاعون في جرش ربما بدأ من شخص واحد انتقلت منه العدوى إلى بقية الأفراد المدفونين في المقبرة، وهو ما يفسر العدد الكبير للهياكل العظمية المكتشفة في الموقع.
وأشار إلى أن اختيار مدينة جرش لإجراء الدراسة جاء بالصدفة بعد تحليل العينات المستخلصة من الهياكل العظمية.
كما أوضح أن طبيعة المنطقة وبيئة الدفن داخل الحجرات ساعدتا في حفظ الهياكل العظمية بشكل استثنائي، خاصة الأسنان، حيث أسهمت بقايا الفخار غير المحروق والحجارة المنهارة من العقود في عزل العينات وحمايتها من العوامل البيئية على مدى قرون طويلة.
واختتم أبو دنه بالقول إن هذه الدراسة تمثل إنجازًا علميًا وأثريًا مهمًا للأردن، حيث تسهم في وضع مدينة جرش على الخريطة العلمية العالمية، وتفتح الأبواب أمام المزيد من الأبحاث المتقدمة حول الأوبئة القديمة في المنطقة