أخبارتقارير

حصري: تكلفة الإنزال الجوي أقل بكثير مما يتقاضى الأردن.. أين تذهب الأرباح؟

صوت الأردن – خاص وحصري

خلص تحقيق صحفي استقصائي أجراه موقع “صوت الأردن” الى أن التكلفة الحقيقة لعملية إنزال المساعدات جواً تتراوح بين 1600 دولار الى 3500 دولار فقط للطن الواحد من المواد الغذائية للإنزال الحر، وترتفع هذه التكلفة الى 16 ألفاً بالنسبة للإنزال الموجه، وهو ما ينسف تماماً المزاعم التي نشرتها الهيئة الخيرية الهاشمية حول تكاليف عمليات إنزال المساعدات جواً على غزة.

وكان تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني قال إن الأردن حقق أرباحاً مالية تصل الى 400 ألف دولار أمريكي في كل عملية إنزال جوي للمساعدات الإنسانية نفذها على قطاع غزة، وهو ما أشعل موجة من الغضب في الأردن، حيث سارعت الحكومة الى تنظيم حملة إعلامية تنفي هذه الادعاءات وتهاجم الموقع البريطاني، ومن ثم قامت الحكومة بحجب الموقع في الأردن ومنعت الأردنيين من الوصول اليه أو قراءة محتواه.

ورداً على التقرير الصحفي البريطاني أصدرت الهيئة الخيرية الهاشمية بياناً قالت فيه إنها نفذت 125 إنزالاً جوياً أردنياً بتمويل أردني خالص، لكنها أيضاً نفذت 266 إنزالاً جوياً آخر من “دول شقيقة وصديقة بتمويل منهم وعلى نفقتهم”. وزعمت الهيئة أن الإنزال الجوي الحر يُكلف 210 آلاف دولار، بينما الإنزال الجوي الموجه (بواسطة جي بي أس) يُكلف 450 ألف دولار للمرة الواحدة، وأكدت إن الدول المتبرعة هي التي تكفلت بهذه التكاليف.

وانشغل موقع “صوت الأردن” خلال الأيام الماضية بالتحقيق في هذه الأرقام والفحص في دقتها وصحتها، ليصل الى معلومات مرعبة مفادها أن الأردن يتقاضى مبالغ ربما تزيد بكثير عن تلك التي تحدث عنها الموقع البريطاني، حيث إن الفارق بين التكلفة الحقيقية والمبالغ التي يتقاضاها الأردن من المتبرعين ربما يزيد بكثير عن الذي تحدث عنه موقع “ميدل إيست آي”!

وليس معروفاً أين تذهب أموال الفارق، أو الهامش، أو الأرباح، التي يجنيها الأردن، وهو ما يعزز الشكوك حول وجود عمليات فساد كبيرة في هذا الملف، ومبالغ مالية تذهب الى جيوب جهة ما داخل الأردن!

التكاليف الحقيقية

وحصل موقع “صوت الأردن” على دراسة موثقة تم إعدادها لصالح سلاح الجو الأمريكي في تشرين ثاني/ نوفمبر 2016، وتكشف عن التكاليف الحقيقية لعمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الانسانية، حيث كان الجيش الأمريكي يدرس في ذلك الحين تنفيذ عمليات إنزال جوي على مدينة حلب السورية التي كان يحاصرها نظام الأسد.

للإطلاع على الدراسة كاملة (إضغط هنا)

وبحسب الدراسة التي تقع في تسعة صفحات (صورة الصفحة الأولى والصفحة الخامسة أدناه)، فإن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يقول إن تكلفة إنزال الطن الواحد من المساعدات جواً يبلغ 1600 دولار أمريكي فقط، لكن الدراسة العسكرية الأمريكية تقول بأن هذه التكلفة قد تصل في حدها الأعلى الى 3500 دولار للطن الواحد.

ويقول برايان داس، المتحدث باسم منظمة “الرؤية العالمية” إن “تكلفة الإنزال الجوي للطعام تبلغ حوالي 1000 دولار أمريكي للطن من الطعام”. ويشير الى أن نقل الطعام بالشاحنات يمكن أن يكلف أقل بنسبة تصل إلى 80%. كما تشير الدراسة الى أن عملية إنزال المساعدات إذا كانت موجهة بواسطة تكنولوجيا “جي بي سي” فان التكلفة ترتفع الى 16 ألفاً للطن الواحد.

وبحسب بيان الهيئة الخيرية الهاشمية فان ثمة نوعين من الإنزال الجوي للمساعدات، الأول هو الإسقاط الحر وتبلغ تكلفته للمرة الواحدة 210 آلاف دولار، أما الثاني وهو الموجه وتبلغ تكلفته 450 ألف دولار للمرة الواحدة.

كم طن في كل إنزال؟

ولمعرفة التكلفة الاجمالية لعملية الإنزال الجوي يتوجب البحث في الكميات التي كان يتم إسقاطها في كل عملية إنزال جوي يقوم بها الأردن، وهو ما قام به فعلاً فريق التحرير في موقع “صوت الأردن“.

وبحسب تقرير نشرته جريدة “جوردان تايمز” الأردنية، يوم 26 نوفمبر 2024، (صورة التقرير أدناه) فقد نفذ الأردن إنزالاً جوياً للمساعدات على غزة قوامه 6.6 طن فقط، وهو ما يعني أن التكلفة الحقيقة لهذا الانزال تبلغ 10 آلاف و560 دولاراً فقط، وتصل في أعلى التقديرات الى 23 ألفاً و100 دولار أمريكي!!

وبحسب ما اعترفت الهيئة الخيرية الهاشمية ذاتها في بيانها فإنها تتقاضى عن الإنزال الجوي الحر مبلغ 210 آلاف دولار، ما يعني أن الإنزال المشار اليه كمثال حقق أرباحاً فلكية تزيد عن 190 ألف دولار أمريكي!!

وأجرى موقع “صوت الأردن” مسحاً لعمليات الإنزال التي تم الاعلان عنها رسمياً ليتبين بأن أضخم عملية إنزال كانت تحتوي على عشرة أطنان فقط، وعلى افتراض أنها كانت إسقاطاً موجهاً وليس إنزالاً حراً، فهذا يعني أن أكبر تكلفة لأكبر عملية إنزال بلغت 160 ألف دولار فقط، بينما كانت الهيئة الهاشمية تتقاضى 450 ألف دولار، وهذا يعني أنها تحقق ربحاً صافياً قوامه 290 ألف دولار على الأقل في عملية الإنزال الواحدة!!

الأردن يتكتم

وكان لافتاً خلال الفترة الماضية أن كافة الأجهزة الرسمية في الأردن، سواء الجيش أو الهيئة الخيرية أو الديوان الملكي، يتكتمون على تكاليف عمليات الإنزال الجوي، ويرفضون الافصاح عن أية تفاصيل تتعلق بها.

وبدا ذلك بوضوح في تقرير جريدة “واشنطن بوست” يوم الثاني من آذار/ مارس 2024 (صورة التقرير أدناه)، حيث تساءل التقرير: لماذا يقوم الأردن بتنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات على غزة بشكل متكرر على الرغم من أنها مكلفة جداً؟

وقال التقرير: “إنزال المساعدات جواً باهظ التكلفة. لكن الجيش الأردني رفض الإفصاح عن تفاصيل تكلفته”.

وأضاف التقرير: “فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وصف عمليات الإنزال بأنها ملاذ أخير، وباهظ التكلفة للغاية لتقديم المساعدة”.

حيث تلفت جريدة “واشنطن بوست” بشكل واضح لا لبس فيه الى أن الأردن يتكتم على التكاليف الحقيقية لهذه العمليات، وهو ما يفتح أبواب التساؤل عن السبب، حيث إن الدول عادة ما تتباهى بتقديم المساعدات للمحتاجين في العالم، ولا يوجد أحد يقوم بالتكتم والتعتيم على قيمتها وحجمها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى