منوعات

تراجع عودة اللاجئين السوريين من الأردن وسط استمرار الأوضاع المعيشية الصعبة

رغم مرور أكثر من عام على تصاعد الحديث عن “العودة الطوعية”، تكشف بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن تباطؤ واضح في حركة عودة السوريين من دول الجوار، وفي مقدمتها الأردن. فبحسب أحدث إحصاءات المفوضية، لم تتجاوز أعداد العائدين خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي 3,100 لاجئ، مقارنةً بـ4,100 في الأسبوع الذي سبقه، أي بانخفاض يقارب الربع.

وتظهر الأرقام أن إجمالي العائدين منذ سقوط النظام وحتى نهاية الشهر الماضي تجاوز 157 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية، بينما بلغ عدد العائدين منذ ديسمبر 2024 وحتى مطلع أكتوبر الجاري أكثر من 1.08 مليون شخص من دول مختلفة، إلى جانب نحو 1.87 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم داخل سورية.

وتكاد التركيبة السكانية للعائدين لا تتبدل؛ فالنساء والفتيات يشكلن ما يقارب نصف العدد، والأطفال نحو 43%، فيما لا تتعدى نسبة الرجال في سنّ العمل 19%، وتشير المفوضية إلى أن الغالبية العظمى من العائدين ما زالوا يغادرون من الأردن، ولا سيما من عمان وإربد، رغم أن الرغبة في العودة ما تزال محاطة بالتحفظ والحذر.

ورغم تأكيد عدد كبير من اللاجئين نيتهم العودة “يوماً ما”، تؤكد المفوضية أن الظروف داخل سورية لا تزال غير مواتية لعودة واسعة النطاق، مشددة على أنها لا تشجع أي عودة جماعية في ظل هشاشة الأوضاع الاقتصادية والأمنية هناك، وتكتفي بدعم من يقررون العودة الطوعية بعد الاطلاع على الأوضاع في مناطقهم الأصلية، عبر مساعدات مالية ولوجستية وبرامج تهدف إلى تأمين عودة كريمة ومستدامة.

وفي الأردن، يعيش اللاجئون السوريون في أوضاع صعبة؛ فبيانات المفوضية تشير إلى أن 67% منهم تحت خط الفقر، بينما يعتمد تسعة من كل عشرة على الاقتراض لتغطية حاجاتهم الأساسية، من إيجار ومأكل وعلاج. ومع تقلص الدعم الدولي، تحذّر المفوضية من أن الخدمات المقدمة للاجئين باتت مهددة، بما في ذلك عمليات التسجيل والتوثيق وتقديم المساعدات الإنسانية.

استطلاع المفوضية الأخير أظهر أن 80% من اللاجئين السوريين في الأردن يأملون بالعودة إلى وطنهم في المستقبل، لكن الأسباب التي تؤخر قرارهم متعددة؛ أبرزها دمار المنازل وغياب فرص العمل وضعف الخدمات الأساسية داخل سورية، فضلاً عن المخاوف الأمنية المستمرة.

وفي موازاة ذلك، حذّر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير جديد من أن العودة في الوقت الحالي تكاد تكون “شبه مستحيلة” بالنسبة إلى آلاف اللاجئين، بسبب العقبات القانونية والإجرائية، ونقص الوثائق الرسمية، وتعدد القيود الأمنية على الحدود. التقرير أشار إلى أن هذه التحديات لا تقتصر على فئة محددة، بل تشمل شرائح واسعة تعيش حالة من الغموض القانوني تجعلها غير قادرة على عبور الحدود أو حتى تسوية أوضاعها بعد العودة.

وشدّد التقرير على أن تحقيق عودة آمنة ومستدامة يتطلب معالجة جذرية لهذه التحديات، من خلال مسارات قانونية واضحة وتعاون مؤسسي بين عمّان ودمشق، لضمان ألا تتحول “العودة الطوعية” إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى