تقارير

بين قذائف الاحتلال وشماتة “السحيجة”.. من اغتال أنس الشريف؟

في مساءٍ دامٍ من ليالي غزة، أُعلن عن استشهاد الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة في غزة وزميله محمد قريقع بالإضافة إلى 5 زملاء ومصوريين اخرين عرفوا بشجاعتهم في تغطية حرب الاحتلال الإسرائيلي ونقل صور المجازر بحق المدنيين، منذ بداية العدوان، لم يتوقف الشريف ورفاقه عن إيصال صوت الضحايا، متحديًا القصف والموت اليومي.

ولكن استشهاده الشريف ورفاقه لم يكن فقط نتيجة رصاصة إسرائيلية أو صاروخ أو قذيفة غادرة؛ فقد سبقه مسار طويل من التحريض والضغط النفسي، شنه ضده عدد من “السحيجة” ولجان المخابرات في الأردن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حملة بدت وكأنها تمهيد إعلامي لإسكات صوته قبل أن يتم الشماتة في استشهاده.

حملات التحريض: “السحيجة” في الصف الصهيوني
خلال الأشهر الماضية، قاد عدد من الحسابات الأردنية المحسوبة على ما يعرف بـ”السحيجة” ولجان المخابرات هجومًا ممنهجًا على الشريف، هذه الحسابات، التي لا تخفي ولاءها للسلطة الأمنية في عمّان، اتخذت من كل ظهور له فرصة للتشويه، والاتهام، وحتى التلميح بأنه “أداة تحريض”.

واللافت أن هذه الأصوات لم تتجرأ يومًا على توجيه نقد واحد للاحتلال أو إدانة لجرائمه، بينما انبرت في المقابل لترديد سرديات إسرائيلية، وكأنها تعمل على تكريس الرواية الصهيونية داخل الفضاء الأردني، وبعض الأسماء التي برزت في هذه الحملة باتت مثار جدل واسع لما تحمله تغريداتها من لهجة استعلاء وتشفي تجاه الضحايا الفلسطينيين.

 

الشماتة بعد الاستشهاد: سقوط أخلاقي مدوٍ
مع إعلان نبأ استشهاد أنس الشريف، لم يتوقف بعض هؤلاء “السحيجة” عن التحريض فحسب، بل انتقلوا إلى مرحلة الشماتة العلنية، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي تغريدات وتعليقات احتفالية، وكأنهم يرحبون باغتيال الصحفي على يد جيش الاحتلال.

 

إحدى التغريدات علّقت بعبارة ساخرة على وصيته التي نشرت بعد استشهاده: “من وين بتكتب من جنة؟”، في محاولة للتقليل من مأساة الحدث، بينما وصف آخر الخبر بأنه “من أحلى الأخبار” التي سمعها، في سلوك استفز حتى أكثر الأصوات حيادًا.

هذه المواقف مثلت صدمة للكثيرين، وأعادت إلى الأذهان حالة الانقسام التي يعيشها الشارع الأردني بين من يرى فلسطين قضيته، ومن اختار الاصطفاف مع المعتدي.

 

غضب شعبي عارم
ردود الفعل الشعبية لم تتأخر، كثير من النشطاء والصحفيين الأردنيين عبروا عن غضبهم من خطاب الشماتة، معتبرين أنه لا يمثل قيم الشعب الأردني المعروف بدعمه التاريخي لفلسطين، وامتلأت الصفحات بالتنديد، ووصفت هذه المواقف بأنها “انحطاط أخلاقي” و”سقوط وطني”، فيما دعا آخرون لمحاسبة كل من يحرض على الصحفيين أو يبرر قتلهم.

 

هذا الغضب الشعبي لم يكن فقط دفاعًا عن أنس الشريف، بل كان دفاعًا عن صورة الأردن نفسه، وعن العلاقة التاريخية التي تربطه بفلسطين، وكثيرون اعتبروا أن صمت المؤسسات الرسمية على هذا التحريض والشماتة يفتح الباب أمام تآكل الموقف الأردني التقليدي تجاه القضية الفلسطينية، ويمنح الاحتلال مساحة أكبر للتغلغل في الوعي العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى