بين قذائف الاحتلال وشماتة “السحيجة”.. من اغتال أنس الشريف؟

في مساءٍ دامٍ من ليالي غزة، أُعلن عن استشهاد الصحفي الفلسطيني أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة في غزة وزميله محمد قريقع بالإضافة إلى 5 زملاء ومصوريين اخرين عرفوا بشجاعتهم في تغطية حرب الاحتلال الإسرائيلي ونقل صور المجازر بحق المدنيين، منذ بداية العدوان، لم يتوقف الشريف ورفاقه عن إيصال صوت الضحايا، متحديًا القصف والموت اليومي.
ولكن استشهاده الشريف ورفاقه لم يكن فقط نتيجة رصاصة إسرائيلية أو صاروخ أو قذيفة غادرة؛ فقد سبقه مسار طويل من التحريض والضغط النفسي، شنه ضده عدد من “السحيجة” ولجان المخابرات في الأردن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في حملة بدت وكأنها تمهيد إعلامي لإسكات صوته قبل أن يتم الشماتة في استشهاده.
حملات التحريض: “السحيجة” في الصف الصهيوني
خلال الأشهر الماضية، قاد عدد من الحسابات الأردنية المحسوبة على ما يعرف بـ”السحيجة” ولجان المخابرات هجومًا ممنهجًا على الشريف، هذه الحسابات، التي لا تخفي ولاءها للسلطة الأمنية في عمّان، اتخذت من كل ظهور له فرصة للتشويه، والاتهام، وحتى التلميح بأنه “أداة تحريض”.
واللافت أن هذه الأصوات لم تتجرأ يومًا على توجيه نقد واحد للاحتلال أو إدانة لجرائمه، بينما انبرت في المقابل لترديد سرديات إسرائيلية، وكأنها تعمل على تكريس الرواية الصهيونية داخل الفضاء الأردني، وبعض الأسماء التي برزت في هذه الحملة باتت مثار جدل واسع لما تحمله تغريداتها من لهجة استعلاء وتشفي تجاه الضحايا الفلسطينيين.
معتصم المومني يشعر بالقلق pic.twitter.com/pZH6IVtKtK
— yaser (@AnasSameer52258) August 11, 2025
الشماتة بعد الاستشهاد: سقوط أخلاقي مدوٍ
مع إعلان نبأ استشهاد أنس الشريف، لم يتوقف بعض هؤلاء “السحيجة” عن التحريض فحسب، بل انتقلوا إلى مرحلة الشماتة العلنية، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي تغريدات وتعليقات احتفالية، وكأنهم يرحبون باغتيال الصحفي على يد جيش الاحتلال.
— mohammad ayyash (@mohammaday79922) August 10, 2025
إحدى التغريدات علّقت بعبارة ساخرة على وصيته التي نشرت بعد استشهاده: “من وين بتكتب من جنة؟”، في محاولة للتقليل من مأساة الحدث، بينما وصف آخر الخبر بأنه “من أحلى الأخبار” التي سمعها، في سلوك استفز حتى أكثر الأصوات حيادًا.
هذه المواقف مثلت صدمة للكثيرين، وأعادت إلى الأذهان حالة الانقسام التي يعيشها الشارع الأردني بين من يرى فلسطين قضيته، ومن اختار الاصطفاف مع المعتدي.
الله نزع الرحمه من قلوبكوا يا عرصىىات
بجاه الحبيب محمد غير يجي يومكوا صبرا جميلا وبالله المستعان
الله أكبر عليك الله أكبر عليك وعلى امثالك pic.twitter.com/0gxX67npn4
— ⚔️🇯🇴محمد الرجوب🇯🇴⚔️ (@rjoub_alsareh) August 10, 2025
غضب شعبي عارم
ردود الفعل الشعبية لم تتأخر، كثير من النشطاء والصحفيين الأردنيين عبروا عن غضبهم من خطاب الشماتة، معتبرين أنه لا يمثل قيم الشعب الأردني المعروف بدعمه التاريخي لفلسطين، وامتلأت الصفحات بالتنديد، ووصفت هذه المواقف بأنها “انحطاط أخلاقي” و”سقوط وطني”، فيما دعا آخرون لمحاسبة كل من يحرض على الصحفيين أو يبرر قتلهم.
السحيجة السفلة لا يخجلون من تبني مواقف الاحتلال، والتطبيل للعدوان الصهيوني. وهؤلاء السفلة لم يجرؤ أي منهم على انتقاد الاحتلال ولو مرة واحدة.
معن القضاة هو ضابط مخابرات معروف، ويأتمر بأمر “السامسونغ”.. لكن تغريداته تكشف الهوة الشاسعة بين المعزولين في الجندويل وبين شعبنا الأردني. pic.twitter.com/5FFs4nPqKR
— طراد الحنيطي 🦅 (@AlhnytyTra5) August 11, 2025
هذا الغضب الشعبي لم يكن فقط دفاعًا عن أنس الشريف، بل كان دفاعًا عن صورة الأردن نفسه، وعن العلاقة التاريخية التي تربطه بفلسطين، وكثيرون اعتبروا أن صمت المؤسسات الرسمية على هذا التحريض والشماتة يفتح الباب أمام تآكل الموقف الأردني التقليدي تجاه القضية الفلسطينية، ويمنح الاحتلال مساحة أكبر للتغلغل في الوعي العام.
هي الأردن خلاص بقت تبع اسرائيل ؟
ليها حق اسرائيل تتجبر على المسلمين في كل العواصم العربية طالما شايفة بعض المحسوبين على العرب والمسلمين اوساخ كده ، مكنتش متخيل إن ده يبقى رد فعل الأردن على إغتيال أنس الشريف والصحفيين في غزة pic.twitter.com/QqtVtweqOB
— منير الخطير (@farag_nassar_) August 10, 2025