تقارير

بالأرقام.. خسائر الأردن بسبب الارتهان لغاز الاحتلال تُذكر بشروط الاتفاقية المجحفة

منذ توقيع اتفاقية استيراد الغاز من الكيان الإسرائيلي عام 2016، دخل الأردن في علاقة حساسة ربطت واحدة من أهم ركائز أمنه القومي “الطاقة” بعدوّ تاريخي.

وبالرغم من تكرار التحذيرات من خطورة هذا الارتهان، أثبتت الأزمة الأخيرة التي اندلعت عقب الحرب الإسرائيلية على إيران حجم هشاشة هذا الارتباط.

فجر 13 حزيران، ومع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، أوقف الاحتلال استخراج الغاز من حقل “ليفياثان”، أكبر حقوله البحرية، لأسباب تتعلق بحماية منشآته من ردود الفعل الإيرانية المحتملة.

ورغم استمرار العمل في الحقول الأخرى مثل “تامار” و”كاريش”، إلا أن الأثر على الأردن كان سريعا وكبيرا.

عقب ثلاثة أيام فقط، اضطرت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لتفعيل خطة الطوارئ، عبر تشغيل محطات التوليد بالديزل وزيت الوقود الثقيل، وإيقاف إمدادات الغاز للمصانع المرتبطة بالشبكة.

خسائر ثقيلة

ويقول الخبير بشؤون الطاقة عامر الشوبكي، إن خسائر الحكومة الأردنية نتيجة انقطاع الغاز الإسرائيلي خلال الأيام الماضية تجاوزت 25 مليون دينار، بسبب اضطرار شركة الكهرباء الوطنية إلى استخدام وقود الديزل بدلا من الغاز.

وأضاف الشوبكي، أن الاتفاقية الموقعة مع شركة “نوبل إنرجي” (شيفرون حاليا)، لا تتضمن أي بند للتعويضات في حال التوقف الناتج عن ظروف قاهرة مثل الحرب الأخيرة، وهذا يعني أن الأردن لن يحصل على أي تعويض مقابل الخسائر.

وبين أن الخسائر ستتحملها بالكامل شركة الكهرباء الوطنية، المملوكة للحكومة، مشيرا إلى أن غياب بند التعويضات في هذه الحالات من أخطر ثغرات الاتفاقية التي كانت مثار جدل واسع منذ توقيعها.

كما قدّر خبراء الكلفة اليومية لانقطاع الغاز بـ 4 ملايين دولار، نتيجة الاعتماد على بدائل أغلى كلفة مثل الوقود الثقيل والديزل.

اتفاقية مجحفة

ووقعت الاتفاقية مع الاحتلال عام 2016، وبدأ التنفيذ في 2020 لمدة 15 سنة، بكمية تقدر بـ 45 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 10 مليارات دولار.

وتحمل الاتفاقية في طياتها تفاصيل مجحفة ومقلقة للأردن، خصوصا أنها تلزم بشراء كامل الكمية أو دفع غرامة انسحاب تصل إلى 1.5 مليار دولار.

كما لا يحق للمملكة تقليل الكميات إلا بعد شراء نصفها، وفي اكتشاف غاز محلي، لا يمكن تقليل الكمية المستوردة بأكثر من 20% ولا يحق أيضا للأردن المطالبة بتعويض في حال التوقف تحت “الظروف القاهرة”.

اعتماد مفرط

يعتمد الأردن بشكل كبير على الغاز الطبيعي المستورد من “إسرائيل”، الذي يغطي ما يقارب 80% من احتياجات المملكة من الكهرباء، بحسب بيانات قطاع الطاقة.

ويستخدم الأردن نحو 344 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، تُسهم في توليد حوالي 68% من الطاقة الكهربائية في البلاد، ما يسلط الضوء على حجم الاعتماد الكبير على هذا المصدر الخارجي.

ويستورد الأردن معظم كميات الغاز لمختلف الاستخدامات، إلا أن أعلبها قادم من “إسرائيل”، حيث يستورد الأردن ما معدله 3.1 مليون طن مكافئ نفط من الغاز الطبيعي سنويا، منها 2.65 مليون طن مكافئ نفط من الاحتلال، ما يعني أن توليد الكهرباء في الأردن ونشاط بعض الصناعات الحيوية فيه مرتهن لغاز الاحتلال.

ورغم وجود بدائل أخرى لتأمين الغاز، مثل الغاز المصري الذي يصل عبر الأنابيب، والغاز الطبيعي المسال الذي يُشترى من الأسواق العالمية ويُخزن في باخرة مخصصة بالعقبة، إضافة إلى الغاز المحلي المستخرج من حقل الريشة شمال شرق المملكة، إلا أن الهيمنة تبقى للغاز الإسرائيلي.

وتؤكد هذه الأزمة الأخيرة ما حذرت منه جهات أردنية واسعة، أبرزها الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، المعروفة بشعار “غاز العدو احتلال”.

وتعتبر الحملة، ربط أمن الطاقة الوطني بالاحتلال لا يهدد فقط الاستقرار الاقتصادي، بل يضع السيادة بيد عدوٍ لا يتردد في استخدام موارده كسلاح ضغط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى