
عاد الجدل من جديد إلى قبة البرلمان حول إدارة أموال الضمان الاجتماعي، بعد أن تقدم عدد من النواب بمقترح لتعديل قانون الضمان يمنح صندوق الاستثمار استقلالية أوسع عن الحكومة وهيئات المؤسسة.
ولاقي المقترح، الذي قُدّم بدافع “تحسين العائد الاستثماري” و“تحرير الصندوق من القيود الإدارية”، تأييداً مبدئياً من حيث الهدف، لكنه أثار في المقابل تساؤلات عميقة حول مدى شمولية الإصلاح المنشود.
ففي الوقت الذي يرى فيه النواب أن منح الصندوق مرونة أكبر كفيل بتحسين الأداء، يؤكد مختصون أن الخلل أعمق من مجرد تعديلات على مواد محددة، إذ تكمن المشكلة في بنية المؤسسة العامة نفسها، وتحديداً في نظام الحوكمة المعقد الذي يجعلها تُدار، كما وصف أحد الخبراء، بـ”خمسة رؤوس متزاحمة على جسد واحد”.
فالمؤسسة اليوم تتوزع قيادتها بين مجلس الإدارة، والمدير العام، ورئيس الصندوق، ورئيس مجلس الاستثمار، ورئيس مجلس التأمينات، ما يخلق تداخلاً في الصلاحيات ويضعف آليات الرقابة والمساءلة.
الأغرب، كما يلفت مختصون، أن رئيس مجلس استثمار أموال الضمان ليس عضواً في مجلس إدارة المؤسسة، بينما رئيس الصندوق نفسه عضو فيه، ما يعني تضارباً في التسلسل الإداري يجعل المساءلة غير واضحة.
ويضيف الخبراء أن الهيمنة الحكومية على مجالس الاستثمار والتأمينات تقلّص من استقلالية القرار المالي، خلافاً لمبدأ التوازن الثلاثي الذي يُفترض أن تقوم عليه المؤسسة بين الحكومة والعمال وأصحاب العمل.
المطالبة اليوم – كما يرى مراقبون – ليست بتعديل بند أو اثنين، بل بـ إعادة صياغة الفصل الثاني من القانون كاملاً، وهو المتعلق بالتنظيم الإداري للمؤسسة، لضمان وجود رأس واحد مسؤول عن القرارات التأمينية والمالية والاستثمارية، مع آليات رقابة محكمة ومساءلة واضحة.