العناوينتقارير

السياحة بين مطرقة العدوان الصهيوني وسندان الفضائح المحلية.. القطاع يستغيث

تشهد السياحة الأردنية واحدة من أقسى أزماتها منذ عقود، بعدما تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة وما رافقها من تصعيد إقليمي في شلل شبه كامل للقطاع، وسط تحذيرات من انهيار مئات المنشآت السياحية وعجزها عن الاستمرار.

ذروة المعاناة: حرب أقسى من “كورونا”
وقال نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات إن القطاع السياحي دخل مرحلة حرجة منذ اندلاع العدوان على غزة، مؤكداً أن الخسائر الراهنة “أشد وأقسى من جائحة كورونا”، في ظل موجة إغلاقات وتسريحات واسعة.

وأضاف أن برامج الدعم السابقة مثل “استدامة” ساهمت في حماية المنشآت خلال الجائحة، داعياً الحكومة إلى استنساخ برامج مشابهة اليوم لإنقاذ آلاف العاملين المعرضين للتسريح.

صورة الأردن في الخارج
يرى خبراء أن تراجع السياحة لم يكن بسبب الظروف الداخلية فقط، بل نتيجة صورة سلبية ترسخت في الخارج وضعت الأردن في “الخانة الحمراء” على خرائط السياحة العالمية، باعتباره بلداً محاذياً لمناطق التوتر، ما دفع وكالات السفر في أوروبا وأمريكا إلى إلغاء رحلاتها بشكل شبه كامل.
وأشار هلالات إلى أن برامج مثل “أردننا جنة” وتنشيط السياحة الداخلية “مهمة لكنها غير كافية”، مطالباً بخطة طوارئ شاملة تشمل إعادة تشغيل الطيران منخفض الكلفة، وجدولة القروض، وتخفيض الضرائب والطاقة.

الانهيار الأخلاقي يفاقم الأزمة

لم تتوقف معاناة القطاع السياحي عند حدود الحرب والاضطرابات الإقليمية، بل تعمقت مع انتشار مقاطع فيديو خادشة للحياء جرى تصويرها في مدينة البترا الأثرية، وأثارت موجة غضب عارمة محلياً ودولياً.

هذه المشاهد التي تناقلتها منصات التواصل الاجتماعي لم تضر فقط بسمعة الأردن السياحية، بل عززت صورة سلبية لدى الأسواق الخارجية، وأدت إلى عزوف مجموعات سياحية أجنبية عن القدوم، وفق ما أكده عاملون في القطاع.

ويرى مراقبون أن هذه الحوادث تعكس حالة انهيار أخلاقي موازٍ للانهيار الاقتصادي، وتكشف عن ضعف في الرقابة والإدارة داخل بعض المواقع السياحية، وهو ما ساهم في مفاقمة أزمة السياحة إلى مستويات غير مسبوقة.

إفلاس يلوح في الأفق
الناطق باسم جمعية السياحة الوافدة نبيه ريال أكد أن الأردن “شبه خالٍ من السياحة الوافدة”، بعدما تجاوزت الإلغاءات 80%، لافتاً إلى أن غياب الحجوزات الجديدة للعام المقبل مؤشر كارثي، خاصة أن السائح الغربي يخطط لرحلاته قبل أشهر طويلة.

وحذر ريال من انهيار عدد من المنشآت السياحية إذا لم يتم الإسراع في دعمها، مضيفاً أن “الأرقام الرسمية عن ارتفاع الدخل السياحي لا تعكس واقع القطاع، فالفنادق والمكاتب تكاد تخلو من الزوار”.

الحكومة ترد: حزم دعم وإعفاءات لكن…
من جانبها، أكدت مصادر حكومية أن القطاع لم يُترك لمصيره، مشيرة إلى تقديم قروض ميسّرة بقيمة 4 ملايين دينار للمشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة، وإعفاء منشآت البترا من رسوم التراخيص، وتمديد الإعفاء من الضريبة الخاصة على تذاكر الطيران إلى العقبة، إلى جانب دعم شركات الطيران لتشغيل خطوط جديدة.
كما جرى توسيع برنامج “أردننا جنة” ليستهدف أكثر من 100 ألف مشارك مع دعم مالي مباشر للمكاتب والفنادق، إضافة إلى تكثيف الحملات الترويجية في الأسواق الأوروبية والآسيوية الأقل تأثراً بالأوضاع الإقليمية.

خبراء: المطلوب خطة إنقاذ لا مسكنات
الخبير السياحي نضال ملو العين دعا إلى استراتيجية بديلة للتعامل مع الأزمات السياسية والعسكرية، تتضمن بروتوكولات جاهزة للتطبيق فور اندلاع الأزمات. وطالب بإنشاء صندوق خاص لتطوير وتنمية السياحة بالتشارك مع القطاع الخاص، وتقديم دعم مادي مباشر للمنشآت.

وأكد أن السياحة الوافدة الأجنبية لا يمكن تعويضها بالسياحة الداخلية، لافتاً إلى أن استمرار الأوضاع الحالية دون تدخل جذري “يعني فقدان الأردن لموقعه التنافسي أمام دول الجوار”.

فيديوهات مثيرة تكشف واقع الانهيار
وتداول ناشطون مؤخراً مقاطع فيديو من داخل فنادق ومطاعم سياحية في البحر الميت والبتراء والعقبة، تظهر فراغ المنشآت بشكل لافت وتراجع نسب الإشغال إلى مستويات غير مسبوقة. هذه المشاهد، بحسب مراقبين، تعكس بوضوح حجم الأزمة وتناقضها مع البيانات الرسمية التي تتحدث عن ارتفاع أعداد الزوار والدخل السياحي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى