الخطر يطرق أبواب الأردن.. قرار الضم يُفجر سيناريوهات كارثية

في خطوة مثيرة للقلق، صوّت الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 71 نائبا من أصل 120 لصالح مقترح يدعم فرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن.
ورغم أن المقترح ليس ملزما قانونيا، فإن رمزيته السياسية، وتوقيته في ظل صعود اليمين الإسرائيلي، يكشف عن نوايا فعلية لتكريس مشروع الضم وتصفية القضية الفلسطينية، ما يشكل تهديدامباشرا للأردن وحدوده.
الاقتراح، الذي تقدم به نواب من أبرز أركان اليمين المتطرف، وُصف بأنه “تصريحي فقط”، لكنه وفق مراقبين ليس مجرد موقف رمزي، بل يمثل ترسيخا لإجماع سياسي داخل المؤسسة التشريعية للاحتلال على طي صفحة حل الدولتين، والمضي نحو فرض الوقائع الأحادية.
الإدانات الرسمية.. لا تردع الاحتلال
جاء الرد العربي والإسلامي عبر بيان مشترك وقعته 11 دولة إلى جانب جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وعلى رأسها الأردن، واصفا التصويت بأنه “خرق سافر للقانون الدولي”، لكن البيان اكتفى بالإدانة دون أي خطوات عملية، الأمر الذي فتح باب الغضب داخل الأردن وخارجه.
نذير من داخل الأردن
في الداخل الأردني، لم يمر التصويت مرور الكرام، إذ اعتبر نواب بارزون في البرلمان أن ما جرى تجاوزٌ خطير يمس السيادة الأردنية ويهدد استقرار المملكة من الجهة الغربية.
النائب حسن الرياطي حذر من خطورة القرار، قائلا، إنه دهس متعمد لكل الخطوط الحمراء، وتجاوز لاتفاقيات السلام. الضفة ستبقى فلسطينية، وأي محاولة لضمّها هي مقدمة لتطهير عرقي جديد لا يهدد فلسطين وحدها، بل يضرب أمن الأردن في الصميم.
ودعا الرياطي إلى إلغاء اتفاقية وادي عربة فورا والعودة لخيار المقاومة، مشيرا إلى أن “العدو لا يفهم إلا لغة القوة”.
بدورها، حذّرت النائب إيمان العباسي من أن القرار الإسرائيلي يمثل “تهديدا مباشرا للأمن القومي الأردني”، موضحة أن غور الأردن ليس مجرد منطقة، بل هو العمق الجغرافي والاستراتيجي للضفة.
أما النائب المخضرم صالح العرموطي، فذهب أبعد من ذلك، متهما الاحتلال بنسف اتفاقية وادي عربة عمليا، وإنهاء الوصاية الأردنية على المقدسات.
وطالب العرموطي البرلمان بالتحرك الفوري مبينا “يجب علينا إقرار قانون يمنع التهجير، وقطع العلاقات مع الاحتلال، والتوجه لمحكمة العدل الدولية. آن الأوان لإحياء الكفاح المسلح، فما يجري ليس مجرد استفزاز، بل امتداد لأطماع إسرائيلية تهدد العمق العربي”.
ويرى مراقبون أن استمرار الأردن في الاكتفاء بالإدانات يضعه في زاوية حرجة، خصوصا وأن الأطماع الإسرائيلية باتت واضحة ومعلنة، والكنيست اليوم يعبّر عن إرادة تشريعية لفرض الأمر الواقع.
الاحتلال تجاوز الخطوط الحمراء
وذكر المحلل السياسي مقداد عمر، أن قرار الكنيست الإسرائيلي لا يمكن النظر إليه باعتباره مجرد اقتراح رمزي، بل هو إعلان نوايا صريح، ورسالة إلى الأردن مفادها أن مشروع “الحدود المؤقتة” انتهى، وأن الغور الفلسطيني – بما يمثله من امتداد للأراضي الأردنية – بات في مرمى الضم الكامل.
وأضاف، أنه في ظل هذا الواقع، بات على عمّان أن تختار إما الانتقال إلى مرحلة الفعل والاشتباك السياسي والدولي، أو التراجع إلى دور المتفرج، فيما العدو يقترب أكثر نحو أسوار المملكة.
وفي ذات السياق، قال مصدر أردني مطّلع لموقع صوت الأردن إن تصويت الكنيست الإسرائيلي الأخير على مقترح دعم ضم الضفة الغربية وغور الأردن، يُعد تطورا بالغ الخطورة، خصوصا أنه يعيد إحياء مخاوف قديمة من مشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
وأوضح المصدر أن غور الأردن لا يُمثل فقط منطقة جغرافية محاذية، بل هو الامتداد الطبيعي للأمن القومي الأردني، وأن المساس به يعني زعزعة التوازن الاستراتيجي على حدود المملكة الشرقية.
وأضاف أن “الخطوة الإسرائيلية تدفع مجددا نحو سيناريوهات قاتمة، أبرزها ما كان يُعرف تاريخيا بالخيار الأردني الذي يقوم على تصفية القضية الفلسطينية عبر ربط الضفة الغربية بالأردن، وهو طرح يعود إلى ما بعد نكسة 1967، ويحاول اليوم أن يجد لنفسه مسارا جديدا تحت غطاء الضم”.
وحذر المصدر من أن “فرض السيادة على المستوطنات وطرد السكان الفلسطينيين سيخلق واقعا ديموغرافيا جديدا بقوة الاحتلال، ما يعني تفجير الوضع داخل الضفة، وتمهيد الطريق لموجات تهجير جديدة نحو الأردن، ستكون المملكة أول من يدفع ثمنها سياسيا واقتصاديا وديموغرافيا”.
وفيما يتعلق بالارتباط السكاني والاجتماعي بين الأردن والضفة، أشار المصدر إلى أن “آلاف الأسر الأردنية من أصول ضفاوية، وتمتلك أراضي وأملاكا في الضفة، ومصادرتها أو إخضاعها للمستوطنات يمثل اعتداءً مباشرًا على مصالح المواطنين الأردنيين، وليس فقط على الفلسطينيين”.
ولفت إلى أن ما يجري “يتجاوز كونه مجرد إعلان رمزي في الكنيست بل يشكل بداية تطبيق عملي لمخطط شمولي لضم المناطق الفلسطينية وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية”، مضيفا أن هذا التحرك لا يهدد الأردن وحده، بل ينسف الاستقرار في المنطقة.
وختم المصدر حديثه بالقول: “نحن أمام لحظة مفصلية فاستمرار الصمت العربي سيمنح الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب تهجير قسري واسع، وخلق أمر واقع يصعب تغييره لاحقًا، وهذا ما ينبغي مواجهته بشكل جماعي وفوري”.