اقتصاد

البرلمان الأوروبي يقر قروضا بـ 500 مليون يورو في ظل اقتصاد يعاني ودين يفوق 90%

وافق البرلمان الأوروبي، بأغلبية واسعة، على تقديم مساعدة مالية كلية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو، ضمن آلية الدعم المالي للاتحاد الأوروبي، في خطوة تعكس استمرار حاجة المملكة إلى التمويل الخارجي لمواجهة ضغوط اقتصادية متراكمة وتداعيات إقليمية متصاعدة.

وجاءت الموافقة بعد تصويت 585 نائبًا لصالح القرار من أصل 664 نائبًا شاركوا في الجلسة، مقابل امتناع 45 نائبًا عن التصويت، في ما يُعد اعتمادًا لموقف البرلمان الأوروبي في القراءة الأولى ضمن الإجراء التشريعي العادي، بانتظار استكمال المسار عبر مجلس الاتحاد الأوروبي قبل دخول القرار حيّز التنفيذ رسميًا.

وتعد هذه الحزمة الخامسة من نوعها التي يقدّمها الاتحاد الأوروبي للأردن منذ عام 2014، بعد أربع حزم سابقة بلغ مجموعها 1.58 مليار يورو، كان آخرها أُقر في أبريل الماضي بقيمة 500 مليون يورو للفترة 2025–2027، وهو ما يطرح تساؤلات حول جدوى تكرار المساعدات في ظل استمرار الاختلالات الاقتصادية دون معالجة جذرية.

وأكدت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، أن دعم الأردن يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي والأمن المشترك لأوروبا، معتبرة أن المساعدة تمثل استثمارًا في شريك استراتيجي، إلا أن هذه المقاربة الأوروبية تتعامل مع الأردن بوصفه عنصر استقرار إقليمي أكثر من كونه اقتصادًا قادرًا على الاعتماد على ذاته.

وبحسب وثائق البرلمان الأوروبي، تأتي المساعدة الجديدة في سياق تصاعد الضغوط الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة، والتوترات في لبنان وسوريا، والتصعيد بين إسرائيل وإيران، وهي عوامل ألقت بظلالها على الاقتصاد الأردني، خاصة في قطاعات السياحة والتجارة والاستثمار.

ورغم تسجيل نمو اقتصادي بنحو 2.5% خلال عام 2024، تشير الوثائق الأوروبية إلى أن الاقتصاد الأردني لا يزال يواجه تحديات هيكلية عميقة، أبرزها ارتفاع معدل البطالة إلى 21.4%، مع نسب أعلى بين الشباب والنساء، وضعف مشاركة القوى العاملة، إضافة إلى عجز مالي متزايد ودين عام بلغ 90.4% من الناتج المحلي الإجمالي، باستثناء ديون الضمان الاجتماعي.

كما اتسع عجز الحساب الجاري إلى نحو 6% من الناتج المحلي، نتيجة تراجع الصادرات والإيرادات السياحية، في وقت لم تنجح فيه الإجراءات الحكومية لرفع الإيرادات وضبط النفقات في كبح اتساع الفجوة المالية، ما يعزز الاعتماد على القروض والمنح الخارجية لسد الاحتياجات التمويلية.

وتُقدَّم المساعدة الأوروبية الجديدة بالكامل على شكل قروض ميسّرة وطويلة الأجل، تُصرف على ثلاث دفعات خلال فترة تصل إلى عامين ونصف، وترتبط بتنفيذ برنامج إصلاحي متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، يشمل مجالات الإدارة المالية العامة، وتعبئة الإيرادات، وسوق العمل، والحوكمة، والطاقة، وتحسين بيئة الأعمال.

وفي هذا السياق، تبدو المساعدة أقرب إلى أداة لتخفيف الضغط المالي قصير الأجل، لا إلى حلّ مستدام للأزمة الاقتصادية، إذ إن ربط الدعم بمزيد من القروض والإصلاحات المشروطة يعمّق من الاعتماد الخارجي، بدل معالجة جذور الاختلالات البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد منذ سنوات.

وبينما يروّج الاتحاد الأوروبي للمساعدة بوصفها دعمًا للصمود الاقتصادي، يرى مراقبون أن تكرار الحزم المالية دون نتائج ملموسة على مؤشرات البطالة والنمو والدين العام، يعكس فشلًا في تحويل هذه المساعدات إلى مسار تنموي فعلي، ويطرح سؤالًا جوهريًا حول كلفة استمرار هذا النموذج على المدى الطويل، سياسيًا واقتصاديًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى