تقارير

الاحتلال يخنق الأردن مائيا.. يمارس ابتزازا سافرا ويضرب الأمن الوطني

لا تبدو أزمة المياه بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي مجرّد تطور عابر في ملف لطالما شابته التوترات، بل تكشف عن مسار طويل من الضغوط المتراكمة.

بحسب مصادر مطلعة لـ “صوت الأردن”، تحولت الضغوط المتراكمة، إلى قضية ابتزاز سياسي واقتصادي استنزفت الأردن ووصلت ذروتها خلال الأسابيع الأخيرة.

أزمة قديمة تتفجر مجددا

وأكدت مصادر مطلعة لـ “صوت الأردن” أن الخلاف الحالي “ليس جديداً، بل يمتد منذ أشهر”، موضحة أن الأردن دخل في سلسلة مفاوضات لمحاولة إنهاء التعطل في تسليم الحصص المائية المنصوص عليها في اتفاقية السلام وملحقاتها منذ 1994.

وأضاف أنه رغم أن الاحتلال ظل يقدم رواية “المشكلة الفنية” المرتبطة بالتحلية والكلفة، إلا أن الجانب الأردني – كما تقول المصادر – لم يجد في هذه التبريرات أي منطق هندسي أو فني.

وكانت صحيفة معاريف العبرية قد أشارت إلى أن تل أبيب أبلغت عمّان رسمياً عزمها عدم تسليم نحو 50 مليون متر مكعب من المياه، وهي الحصة السنوية المتفق عليها، وهو ما يعد خرقًا مباشراً للاتفاقيات الموقعة منذ ثلاثة عقود.

ابتزاز مباشر.. ورفض لأي حلول

المصادر ذاتها كشفت أن الأردن حاول خلال الأشهر الماضية إعادة التفاوض على التسعيرة المعتمدة للمياه، واضعًا على الطاولة مقترحات مختلفة لفتح ثغرة في الأزمة، لكن “إسرائيل رفضت حتى هذا المقترح”، وواصلت “الإصرار على ابتزاز الأردن والضغط عليه عبر ورقة المياه”.

وبحسب المعلومات المتطابقة من الصحيفة العبرية والجهات الأردنية، فإن تل أبيب لم تقدم حتى اللحظة أي رد رسمي على المقترحات الأردنية، رغم وجود وساطة أوروبية لمحاولة تقريب وجهات النظر، ما زاد من اتساع فجوة الثقة بين الطرفين.

الأردن تحت رحمة الاحتلال

ويرى مراقبون أن هذه السياسات جعلت ملفي الطاقة والمياه رهائن بيد الحكومة الإسرائيلية الحالية، بعدما حذر خبراء محليون في السنوات الأخيرة من مخاطر ربط احتياجات الأردن الحيوية بتفاهمات هشة مع حكومة تتجه – وفق وصفهم – نحو سلوكيات سياسية أكثر تطرفًا.

وتظهر خلفية العلاقات بين الجانبين أن التوتر ليس مقتصرًا على ملف المياه؛ ففي العام الماضي، تأخر الاحتلال في توريد نصف كمية الغاز المنصوص عليها في الاتفاقيات، كما اتهمت عمّان تل أبيب بعدم الالتزام ببنود أخرى من اتفاقية السلام. ومع تزايد الجفاف وتراجع تدفق مياه اليرموك من سوريا، يصبح أي تعطيل إسرائيلي لإمدادات المياه تحديًا وجوديًا يضرب الأمن المائي الأردني مباشرة.

مأزق مائي مزدوج

وبالتوازي مع التعطيل الإسرائيلي، يعاني الأردن من تدهور البنية التحتية السورية التي حالت دون العودة لتطبيق اتفاق توزيع مياه اليرموك الموقع عام 1988، هذا الواقع المزدوج وضع المملكة بين ضغطين: تراجع المصادر الطبيعية من جهة، والابتزاز السياسي من جهة أخرى، وهو ما يجعل أزمة المياه الحالية الأخطر منذ سنوات.

وفي ظل هذه التطورات، تبقى الخيارات الأردنية محدودة ما لم تُعاد صياغة المعادلة الإقليمية التي تحكم هذا الملف، بما يكفل إنهاء حالة الارتهان المائي التي تنعكس مباشرة على استقرار المملكة وأمنها الاقتصادي والاجتماعي.

التزويد مرة أسبوعيا

في خضم الضغوط المتزايدة على قطاع المياه، بررت وزارة المياه قرارها بتقليص دورات التزويد للمواطنين إلى مرة واحدة أسبوعيًا، مشيرة إلى أن التحديات الحالية تجاوزت القدرة التشغيلية للمؤسسات المعنية، وأوضحت الوزارة أن تراجع كميات المياه المتاحة وارتفاع الطلب وارتباط المملكة بمصادر خارجية متقلبة، كلها عوامل فرضت هذا الإجراء القاسي، مؤكدة أنه يأتي في إطار “إدارة أزمة” لا تمتلك خلالها خيارات واسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى