ازدواجية المعايير: لماذا لم تُطالب أوكرانيا بنزع سلاحها بينما يُفرض ذلك على غزة؟
منذ 3 ساعات
تناول مقال للكاتب عمر عبد العزيز المطالب الغربية العربية بنزع سلاح المقاومة في غزة كشرط لإنهاء الحرب تلبية لطلب نتنياهو.
وقارن الكاتب تناقض الموقف الدولي في غزة من موقفه في أوكرانيا التي دعمها بكل سخاء لمواجهة الغزو الروسي.
وفيما يلي نص المقال
منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، لم يجرؤ أي طرف أوروبي أو أمريكي على مطالبة كييف بتفكيك جيشها أو تسليم سلاحها كمدخل لإحلال السلام. بل على العكس، انخرط الغرب في أضخم عملية دعم عسكري ومالي لدولة غير عضو في الناتو منذ عقود، حيث تدفقت المليارات، وأُرسلت منظومات الدفاع الجوي والصواريخ بعيدة المدى والدبابات والطائرات المسيّرة، حتى تمكّنت أوكرانيا من إلحاق أذى حقيقي بروسيا، القوة النووية العظمى.
غير أنّ المشهد ينقلب تماما عندما يتعلق الأمر بغزة. فبدلا من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، تُمارَس الضغوط العربية والدولية على المقاومة لتجريدها من سلاحها، وجعل “نزع السلاح” شرطا مسبقا لأي وقف لإطلاق النار.
هنا ينفجر السؤال الفخ: لماذا يُسمح للأوكراني أن يطالب بضمانات أمنية أوروبية وأمريكية قبل أي تسوية، بينما يُحرَم الفلسطيني حتى من مجرد المطالبة بضمانات توقف العدوان وتكسر الحصار؟
لم يجتمع الاتحاد الأوروبي يوما ليطالب أوكرانيا بنزع سلاحها. لم يُمْلِ أحد على كييف التخلي عن صواريخها أو إبطال قدراتها الدفاعية. بل كان آخر تسليم للسلاح الأوكراني قبل أكثر من ثلاثة عقود، حين تخلت عن ترسانتها النووية مقابل ضمانات أمنية دولية، دون أن يُنظر لذلك كخطوة لتفكيك قدراتها العسكرية أو إنهاء جيشها الوطني.
أما في غزة، فالمطلوب أن تُدمَّر أسلحة المقاومة بأيديها، وأن يُقتل المدافعون عن الأمة بأيدي إخوتهم، وكأن المطلوب أن يُفتح الباب على مصراعيه لتمدد الاحتلال.
وقد أثبت الواقع أن غزة ليست مجرد ساحة صراع محلية ضد احتلال، بل هي خط الدفاع الأول عن الأمة كلها، فكيف يُعقل أن يُطلب من خط الدفاع أن يسلّم سلاحه، وأن يُخذل رجاله الذين يذودون عن شرف الأمة وكرامتها؟
وهنا تتجلى بوضوح ازدواجية المعايير: الغرب ومعه الدول العربية يشرعن الحرب في أوكرانيا تحت شعار “الدفاع عن السيادة”، بينما يجرّم المقاومة الفلسطينية ويعتبرها “عقبة أمام السلام”.
إن المطالبة بنزع سلاح المقاومة ليست سوى محاولة لتثبيت واقع الاحتلال وتجريد الفلسطيني من حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه.
والسؤال البديهي الذي يفرض نفسه، لماذا يصبح السلاح “حقا مشروعا” في يد الأوكراني، بينما يُصوَّر في يد الفلسطيني كجريمة؟ ولماذا تُعدّ الضمانات الغربية واجبة في أوروبا، بينما تُعتبر ترفاً أو حتى ابتزازا حين يطلبها الفلسطيني؟
الجواب لا يكمن في القانون الدولي ولا في قيم العدالة، بل في حسابات السياسة والنفوذ، حيث تتحول الحقوق إلى امتيازات تمنح لهذا الطرف وتُحجب عن ذاك.