العناوينتقارير

إطلاق سراح داعمي غزة في الأردن.. قرار لحظي أم تغير سياسة؟

شهدت السجون الأردنية خلال الأيام الأخيرة سلسلة من الإفراجات المتتالية عن ناشطين وسياسيين معتقلين، كان اعتقالهم قد أثار جدلا واسعا في الشارع الأردني لارتباطه بمواقفهم الداعمة لقطاع غزة.

وكان آخرهم الناشط السياسي جهاد عطية بعد اعتقال دام 145 يوما تلاه الإفراج عن الشاب عبد الرحمن أبو شرخ الذي قضى 140 يوما خلف القضبان، إضافة إلى الناشط السياسي عدنان أبو عرقوب الذي أنهى خمسة أشهر من التوقيف بسبب نشاطه التضامني مع غزة.

وجاءت هذه الإفراجات دفعة واحدة، لتفتح باب التساؤلات حول خلفياتها وأسبابها الحقيقية.

حي الطفايلة.. نقطة التحول

شكل الأسبوع الماضي لحظة فارقة حين استدعى المدعي العام النائب وسام الربيحات وعددا من ناشطي حي الطفايلة، على خلفية اتهامات وُجهت إليهم بجمع تبرعات لصالح غزة خارج الأطر الرسمية.

وقوبلت الخطوة بغضب شعبي عارم تُرجم إلى اجتماع حاشد عقب صلاة العشاء في الحي، شارك فيه وجهاء وأهالي الحي بالتزامن مع حملة تضامن واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وغضب شعبي امتد لعدة مدن.

كما خرج النائب الربيحات وعدد من الناشطين بمقاطع مصورة للرأي العام أكدوا خلابها بالوثائق أن كل حملات التبرع كانت تُدار من خلال مؤسسات مرخصة، بينها الهيئة الخيرية الهاشمية.

وتحت وطأة هذا الضغط الشعبي، أُجبر المدعي العام على إخلاء سبيل النائب والناشطين سريعا.

وقال ناشطون لـ “صوت الأردن” أن الاتهامات التي وُجهت لهم ملفقة بالكامل، الهدف منها فقط ترهيب كل من يرفع صوتهتضامنا مع غزة، لكن موقف الناس كان هو الفيصل.

غضب تحت الرماد

وذكرت مصادر مطلعة لـ “صوت الأردن” أن الإفراجات لم تأتِ بقرار سياسي بارد، وإنما بفعل حرارة الشارع وضغطه.

وذكر أحد الناشطين من عمّان أنه “لو لم يخرج الناس ويتضامنوا، لبقي هؤلاء الشبان في السجن. السلطة لم تُفرج عنهم إلابعد أن أدركت أن الرأي العام قد وصل مرحلة من الغضب تخيف النظام وأركانه”.

وأوضحت المصادر أن هذه الإفراجات تمثل محاولة واضحة من السلطات لامتصاص الغضب الشعبي، لا سيما في ظل مشاهد الإبادة الوحشية في غزة التي أثارت حالة غير مسبوقة من التضامن في الأردن.

ويقول محلل سياسي أردني رفض الكشف عن هويته، إت “النظام يدرك أن استمرار الاعتقالات في هذه الأجواء قد يفجّرالشارع. لذلك اختار أن يقدّم تنازلات محدودة، أشبه بصمام أمان لتنفيس الاحتقان”، مضيفا أن هذه السياسة ليست جديدة وإنما أسلوب قديم في إدارة الأزمات الداخلية.

في ذات الوقت تساءل ناشط أردني، عن “من سيعوّض الشباب عن الهجمة الإعلامية والتشهير الذي شنّته بعض القنواتوالمواقع الإخبارية، وشارك فيه كتّاب مأجورون ولجان إلكترونية تحركت كلها بضغطة زر واحدة؟”

وأضاف، “أين الذين تحدثوا عن الالتزام بالقانون واتهموا شباب الحي بجمع التبرعات بطرق غير قانونية؟ هل ما زالوا عندكلامهم بعدما سقطت كل تلك التهم؟”.

خطوة ظرفية أم تحول حقيقي؟

ورغم الترحيب الشعبي الواسع بالإفراجات الأخيرة، إلا أن التساؤلات تبقى مفتوحة حول ما إذا كانت هذه الخطوة تعكس مراجعة جذرية للنهج الأمني في التعامل مع الحريات العامة، أم أنها مجرد استجابة ظرفية لاحتواء غضب مؤقت.

ويشير المحلل السياسي، إلى أن “السلطة لم تغيّر سياستها، بل عدّلت نوعا ما من سلوكها مؤقتا تحت الضغط. ما يخشاهالناس أن تعود حملة الاعتقالات من جديد بمجرد أن تخف حدة الغضب الشعبي”.

وأضاف في ذات الوقت أن الإفراجات الأخيرة تثبت أن الرأي العام قادر على التأثير وصناعة التغيير ولو بشكل تدريجي.

وختم قائلا إن الإفراج عن الناشطين يعكس حقيقة واحدة: أن ضغط الشارع الأردني في لحظة تاريخية مشبعة بالغضب والتضامن مع غزة، كان أقوى من قبضة الاعتقال لكن يبقى السؤال معلقا: هل يتجه النظام الأردني لمعالجة ملف الحريات العامة بجدية، أم أن هذه الإفراجات مجرد جولة تكتيكية لتنفيس الغضب قبل عودة القبضة الأمنية من جديد.

الحملة مستمرة لكن بصمت

في المقابل ذكر الناشط السياسي الذي رفض الكشف عن هويته خوفا من الاعتقال، أن حملة الاعتقالات مستمرة، لكن ستكون ربما بشكل فردي لتصل لكل من له علاقة بدعم غزة خصوصا أن قرار منع المسيرات المتضامنة مع القطاع ما زال ساريا، فضلا  عن إيقاف مبادرات شبابية عشائرية كانت تعمل على تسيير قوافل إغاثية إلى غزة.

وأضاف الناشط، أن الحملة جاءت ضمن مسعى منسّق مع عدة دول يهدف إلى تجفيف أي مصادر مالية قد تصل إلى المقاومة الفلسطينية، حتى ولو عن طريق الخطأ.

وأكد أن “الانحيازات باتت واضحة”، لافتة إلى أن صناع القرار الأردني “اختاروا الوقوف في موقع يتقاطع مع أجندات إقليمية ودولية لا تصب في صالح كرامة وصمود أهل غزة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى