إسرائيل الكبرى.. قنبلة نتنياهو العابرة للحدود.. الأردن بوجه النار
منذ ساعتين
أعاد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التذكير بالفكر التوسعي الاستيطاني الذي يراود القادة الإسرائيليين منذ تأسيس الدولة، وذلك خلال مقابلة مع قناة “i24” العبرية، الثلاثاء، أكد فيها ارتباطه العميق بما وصفه بـ”رؤية إسرائيل الكبرى”.
وقال نتنياهو، “أنا في مهمة أجيال… تاريخيا وروحيا، نعم، أنا مرتبط ومرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى”.
ووفق المزاعم الإسرائيلية، تمتد حدود هذه الرؤية لتشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأجزاء من الأردن ولبنان وسوريا ومصر والعراق والسعودية والكويت، إلى جانب خطط موازية لتقسيم بقية الدول العربية على أسس طائفية وعرقية.
وتعود أصول هذا التصور إلى معتقدات دينية يهودية تزعم أن “الأرض الموعودة” تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات، كما ورد في نصوص توراتية مزعومة.
وقد تبنى مؤسس الحركة الصهيونية، ثيودور هرتزل، هذه الفكرة عام 1904، مؤكدا أن حدود الدولة المنشودة تشمل هذه المساحة الواسعة.
وفي السنوات اللاحقة، ردد قادة الاحتلال اليمينيون هذه الطروحات، ومنهم وزير المالية الإسرائيلي عام 2016، حين كان نائبا في الكنيست، إذ قال إن حدود القدس يجب أن تصل إلى دمشق، وإن على إسرائيل السيطرة على الأردن.
إدانات خجولة
أدانت وزارة الخارجية الأردنية، الأربعاء، تصريحات نتنياهو، ووصفتها بأنها “تصعيد استفزازي خطير وتهديد لسيادة الدول ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، أن هذه الأوهام لن تنال من الأردن ولا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معتبرا أن هذه التصريحات تعكس عزلة الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية مع استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية.
من جانبها، دانت وزارة الخارجية المصرية، هذه التصريحات، مطالبة نتنياهو بتوضيح موقفه، ومعتبرة أن ما قاله يعكس توجها رافضا لخيار السلام ويهدد الاستقرار الإقليمي. وشددت على أن لا سبيل لتحقيق السلام إلا بإنهاء الحرب على غزة، والعودة للمفاوضات لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
استكمال لضم الضفة
تأتي هذه التصريحات بعد أقل من شهر على تصويت الكنيست الإسرائيلي، في يوليو 2025، بأغلبية 71 صوتا مقابل 13، على مشروع قرار رمزي يدعو إلى ضم الضفة الغربية بالكامل وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
ورغم أن القرار غير ملزم قانونيا، إلا أنه عكس تصاعد النزعة اليمينية داخل الائتلاف الحاكم، ودعما واضحا لمشاريع الاستيطان، مما أثار إدانات فلسطينية وعربية ودولية واسعة، بينها الأردن الذي اعتبر الخطوة “انتهاكا صارخا للقانون الدولي” وتهديدا مباشرا لحل الدولتين.
ولا يمكن فصل تصريحات نتنياهو الأخيرة عن التطورات التشريعية الأخيرة في الكنيست، إذ جاءت بعد أسابيع قليلة من التصويت لصالح مشروع قرار رمزي يدعو إلى ضم الضفة الغربية بالكامل.
ويعكس هذا التتابع الزمني خطا سياسيا تصاعديا تتبناه الحكومة الإسرائيلية، يقوم على تحويل السيطرة الفعلية على الأراضي المحتلة إلى واقع قانوني وسيادي.
ويشير مراقبون إلى أن الجمع بين الخطاب الأيديولوجي الذي طرحه نتنياهو والمبني على أساطير “إسرائيل الكبرى” والتحركات البرلمانية نحو الضم، يكوّن صورة واضحة عن مسار استراتيجي يستهدف تغيير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، ويضع الدول العربية، وخاصة الأردن ومصر، أمام تحديات مباشرة لأمنها القومي
تحول في الخطاب
قال الكاتب المختص بالشؤون الإسرائيلية، عمار عز الدين، إن تصريحات نتنياهو تمثل تحولا جذريا في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، بإعلان تبنّي طموحات الصهيونية الدينية التي لا ترى مستقبل إسرائيل إلا كدولة توراتية كبرى، تبني أطروحاتها على أساطير “أرض الميعاد” والمسيح المنتظر ونهاية العالم.
وأضاف في حديث لـ “صوت الأردن” أن هذه التصريحات تمثل إعلانًا لدولة ثيوقراطية، بعيدة عن الصورة العلمانية التي حاولت إسرائيل تسويقها سابقا، وأن نتنياهو تعمد ذكر دول مثل الأردن ومصر، رغم ارتباطهما باتفاقيات سلام، وأجزاء من السعودية التي سعى لتطبيع العلاقات معها، فضلًا عن لبنان وسوريا والعراق.
مواقف غير متكافئة
من جانبه، قال مسؤول أردني طلب عدم الكشف عن اسمه، إن سرعة رد الأردن على تصريحات نتنياهو تعكس إدراكا لخطرها واعتبارها تهديدا مباشرا لكن هذا لا يكفي.
وأضاف أن ما جرى هو “إعلان حرب صريح”، داعيا إلى خطوات عاجلة تشمل إلغاء اتفاقية وادي عربة، ووقف التعامل مع الاحتلال، وإطلاق سراح معتقلي دعم غزة، وتهيئة الشارع لمواجهة “الخطر الوجودي” الذي تمثله هذه التصريحات
في المقابل قال مصدر أردني مطّلع لـ”صوت الأردن” إن موقف المملكة الرسمي من سياسات الاحتلال ما زال متراخيًا ومترددًا، بل وفي أحيان كثيرة متماهيًا مع الخطوات الإسرائيلية، وهو ما شجع حكومة نتنياهو على المضي قدما في مشاريعها التوسعية دون خشية من رد فعل حقيقي.
وأضاف المصدر أن البيانات الدبلوماسية المعتادة لا تكفي في مواجهة خطاب توسعي بهذا الوضوح، مشددا على أن استمرار هذا النهج المتساهل مع الاحتلال يرسل رسالة خاطئة للداخل والخارج، مفادها أن الأردن غير مستعد لاتخاذ إجراءات عملية لحماية سيادته وأمنه القومي.
وأكد أن المواقف “المتواطئة أو الصامتة” من جانب بعض الأطراف الرسمية العربية، ومنها الأردن، هي التي سمحت لإسرائيل بتوسيع مشاريع الاستيطان والضم، وصولا إلى إعادة طرح فكرة “إسرائيل الكبرى” التي تشمل أراضي المملكة نفسها، داعيا إلى مراجعة شاملة للسياسة الخارجية الأردنية قبل أن يفوت الأوان.