تقارير

أزمة تنتظر الحل.. غياب خطة وتضارب الصلاحيات يفاقم خطر الكلاب الضالة في الشوارع

تشهد شوارع المملكة في الأشهر الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في أعداد الكلاب الضالة، ما أثار قلق المواطنين وسبّب عشرات حالات العقر والإصابات، بعضها أدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، في مناطق عدة بينها المفرق، الرمثا، الزرقاء، والسلط.

ويشير الخبراء والمصادر الميدانية إلى أن غياب خطة وطنية متكاملة للسيطرة على الظاهرة يزيد من خطورتها على المجتمع، خصوصًا على الأطفال وكبار السن.

وحسب القوانين المعمول بها، تتحمل البلديات ووزارة الإدارة المحلية المسؤولية الأساسية في إدارة ملف الكلاب الضالة، بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والصحة، ولكن الواقع الميداني يكشف عن غياب التنسيق المؤسسي، وتضارب في الصلاحيات بين الجهات، مع تبادل للاتهامات، فيما يقع العبء الأكبر على المواطنين الذين يواجهون هذه المخاطر بشكل يومي.

وتفتقر بعض البلديات، وفق مصادر مطلعة، إلى الموازنات الكافية لتطبيق برامج الإيواء والتطعيم والتعقيم، إذ تصل تكلفة رعاية كل كلب سنويًا إلى نحو 300 دينار، وهو مبلغ يفوق قدرة البلديات الصغيرة والمتوسطة، في حين تعتبر البلديات تقديم الخدمات الأساسية للمواطن، مثل النظافة والطرق والإنارة، أولوياتها القصوى.

تفاقمت المشكلة بعد منع عمليات القنص والتسميم التي كانت البلديات تعتمد عليها للحد من انتشار الكلاب، وهو ما تزامن مع تعديلات قانونية مستجدة لحماية الحيوان، قلصت من صلاحيات البلديات في استخدام أساليب المكافحة التقليدية، استجابة لضغوط محلية ودولية. ويشير الخبراء إلى أن هذه التعديلات لم ترافقها حلول بديلة فعّالة، ما أدى إلى ازدياد أعداد الكلاب دون رقابة كافية.

وتؤكد البيانات الطبية تسجيل مئات حالات العقر سنويًا، بعضها أدى إلى نقل أمراض مثل داء الكَلَب، ما يفرض على وزارة الصحة توفير لقاحات وعلاج عاجل للمتضررين، كما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي عشرات الفيديوهات والصور لهجمات الكلاب في الأحياء السكنية، وهو ما يثير مخاوف الأهالي بشأن سلامة أبنائهم.

وفيما يخص الدور الرقابي، لم يشهد الملف تحركًا نيابيًا ملحوظًا حتى اليوم، إلا أن النائبة بيان فخري المحسيري قد وجهت سؤالًا نيابيًا للحكومة، ما أدى إلى الدعوة لعقد اجتماع مشترك لست لجان نيابية يوم الاثنين 13/10/2025، لمناقشة أسباب انتشار الكلاب الضالة والحلول العملية لضمان سلامة المواطنين، بمشاركة لجان: العمل والتنمية الاجتماعية، الصحة والبيئة والغذاء، الزراعة والمياه، البيئة والمناخ، المرأة وشؤون الأسرة، والريف والبادية.

ويشير خبراء إلى أن الحل لا يكمن في العودة إلى العنف أو القتل، ولا في اتباع النماذج الأوروبية بالكامل، بل يتطلب خطة وطنية متكاملة تشمل إنشاء مراكز إيواء وتعقيم الكلاب، تخصيص موازنات سنوية ثابتة، تفعيل التنسيق بين الوزارات، وحملات توعية مجتمعية، مع تشريع متوازن يحمي الإنسان أولًا دون تجاهل حقوق الحيوان.

ويؤكد المواطنون أن حياتهم وحياة أطفالهم تتعرض للخطر بشكل يومي، مطالبين بوجود حلول عاجلة وفعّالة قبل أن تتحول الظاهرة إلى أزمة وطنية يصعب السيطرة عليها، وسط استمرار غياب الردود الرسمية حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى